فصل [في خطايا الأنبياء]
  (و) من السنة (قوله ÷: «رُفِع عن أمتي الخطأُ والنسيان» الخبر، فعلمنا بذلك أن الكبير ما وقع عمداً من غير اضطرار إليه).
  وقالت (البصرية: ليس كل عمدٍ كبيرة، بل ما وجب فيه حدٌّ أو نُصَّ على كِبَرِهِ) من الشارع بأن يصفه بالكبر فكبير (وغيرَ ذلك مُحْتَمَلٌ) للصغر والكبر.
  (قلنا: استحق فاعلها) أي: المعصية المتعمدة (النار قطعاً بالنص) الذي تقدم ذكره من الآيات العامة لكل معصية (فلا احتمال) للصغر مع العمد.
  وقال (المهدي #، وجمهور البصرية: والصغائر كلها غير مُتَعَيّنة؛ لأنها بعضُ العمدِ إذ تَعْيِيْنُهَا) أي: الصغائر (كالإغراء) بفعلها والإغراءُ بفعل القبيح قبيحٌ.
  (قلنا: بل كلها متعين؛ لأنها الخطأُ) والنسيان والمضطر إليه وما وقع بتأويل (كما مَرَّ).
فصل [في خطايا الأنبياء]
  قال (الهادي والناصر @ وبعض البغدادية) وهو قول جمهور أئمتنا: (وخطايا الأنبياء $ لا عمد فيها) إذ لا يجوز عليهم تَعَمُّدُ عصيان الله تعالى؛ لمكان العصمة والطهارة، وما وقع منهم فإنَّما هو عن طريق الخطأ والنسيان، أومن باب التأويل.
  وقال (المهدي # والبصرية: بل هي عمد) وإنما حُكِمَ بصغرها لكثرة ثوابهم.
  (لنا: قوله تعالى) في خطيئة آدم #: ({فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}) [طه: ١١٥] أي: عزماً على المعصية وإنما ارتكبها ناسياً، هكذا ذكره الهادي #، (و) لنا أيضاً في خطيئة يونس # (قوله تعالى: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}[الأنبياء: ٨٧]، أي: لن نُضَيِّق عليه، أي: لا نؤاخذه) في ذهابه مغاضباً لقومه.
  (قالوا: ما تعمده الأنبياء $) من المعاصي (فصغيرة؛ لكثرة ثوابهم) كما سبق ذكره عنهم.
  (قلنا:) كثرة الثواب لا تأثير له كما أخبر تعالى في حق نبينا ÷ وهو أكثر الأنبياء ثواباً (قال تعالى: {لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ٧٤ إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}) [الإسراء: ٧٥] فدلت هذه الآيةُ أن الركونَ القليلَ إلى المشركين يحبط الثواب ويبطله ولو كان كثيراً،