فصل [في التكسب]
فصل [في التكسب]
  (والتَّكَسُّبُ جائزٌ) أي: السعي في طلب الرزق بالتجارة والإجارة ونحو ذلك جائز؛ بل قد يكون واجباً لنفقة طفل أو زوجة أو أبوين عاجزين، وقد يكون مندوباً، ومباحاً، ومكروهاً، ومحظوراً على حسب الحالات.
  وقالت (الحشوية، و) مثل قولهم (تدليس الصوفية: لا يجوز) التكسب؛ (لمنافاته التوكلَ).
  (و) أمَّا (تحقيق مذهب الصوفية) فليس لمنافاته التوكل، (بل لأنَّ إباحته أغنته عن المشقة) في طلب الرزق؛ لأنَّهم يقولون: إنَّ الأموالَ مباحةٌ كما مرَّ لهم.
  (قلنا: التكسب لم يُنافِ التوكل) لأنَّ الزَّارعَ يُلقي البذرَ وهو متوكلٌ على الله في إنباته وسقيه وسلامته من الآفات، والضاربَ في الأرض يتوكل على الله في سلامته، (سِيَّمَا مع المخاطرة به) أي: بالرزق (في القفار، وعلى متون أمواج البحار).
  (وأدلة تحريم أموال الناس لا يُنكرها إلَّا كافر) جاحد لِمَا أنزل الله من الأحكام.
فصل [في الأسعار]
  (والسِّعْرُ: قَدْرُ ما يُباع به الشي، فإن زاد على المعتاد فغلاءٌ، وإن نقص منه فرخص، وقد يكونان بسبب من الله تعالى؛ حيث أنعم بزيادة الخِصْبِ) أي: بكثرة الأمطار والبركة في الثمار وذلك (في الرُّخص، وحيثُ امتحن) الله عباده (بزيادة الجَدْبِ في الغلاء، و) قد يكونان أيضاً (بسبب من الخلق؛ حيثُ جلب التجارُ) السلعَ (من موضع خصب إلى أخصب منه) وذلك (في الرخص، وحيث تغلَّب بعض الظلمة على أكثر الحبوب ومنعها في الغلاء).
  وقالت (الحشوية والمجبرة: بل الكل) من أسباب الغلاء والرخص (من الله تعالى) وهذا بناء منهم على نسبة كل شيء في الكون إليه، تعالى عن ذلك.
  (قلنا: ورد النهي عن الاحتكار وعن بيع الحاضر للبادي؛ لأجل ذلك) أي: لأجل كون الاحتكار، وبيع الحاضر للبادِ سبباً في حصول الغلاء.