فصل [في بيان الرزق]
فصل [في بيان الرزق]
  قالت (العدلية: والرزقُ) هو (الحلالُ من المنافعِ والملاذِّ) من مأكولٍ ومشروبٍ ونحوهما.
  وقالت (المجبرة: بل والحرام) يُسمى رزقاً عندهم(١).
  (قلنا: نهى الله تعالى عن تناوله والانتفاع به) فكيف يجعله لنا رزقاً وهو ينهانا عنه (فهو) أي الحرام (كما لا يُتناول ولا يُنتفع به) من الأشياء التي لا منفعة فيها أصلاً (وهو) أي الذي لا يُتناول ولا منفعة فيه (ليس برزق اتفاقاً) بيننا وبينهم.
  (وأيضاً لم يُسَمِّ اللهُ تعالى رزقاً إلَّا ما أباحه(٢) دون ما حرَّمه قال الله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}) [النحل: ٦٧] فسمى ما يُنتفَعُ به من تلك الثمرات رزقاً ولم يُسمِّ الخمر رزقاً.
  وقال (المسلمون: وما ورد الشرع بتحريمه فلا يحل تناوله).
  وقالت (الإباحية) وهم فرقة من الباطنية: (بل يحل كلَّما عُلِمَ من الدين تحريمه من الأموال والفروج، وقتل النفس بغير حق وغير ذلك) من المحرمات، ويتأولون ما جاء في الآيات والأحاديث مما يدل على التحريم بما يطابق هواهم، ويقولون: إن له باطناً خلاف ظاهره.
  وقالت (المُزدكِيَّة، والصوفية: بل) يحل (كلَّما عُلِمَ من الدين تحريمه من الأموال والفروج وغير ذلك) من سائر المحرمات (إلَّا القتل) فإنَّهم لا يُجيزونه.
  (قالوا: لأنَّ المالَ مالُ الله والعبدَ عبدُ الله) فيحل لعبده تناولُ ماله، (و) قالوا: إن (تناول النكاح) من زنى وغيره (محبةٌ لِلَّهِ؛ لحلوله تعالى في المنكوح. تعالى الله عن ذلك) علواً كبيراً.
  (لنا) عليهم جميعاً: (قولُه تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ...} الآية [المائدة: ٣] ونحوها).
  (وقولُه تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ}) [البقرة: ١٨٨].
  (وقولُه تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى ...} الآية [الإسراء: ٣٢] ونحوها).
(١) وهذا بناء منهم على قاعدتهم في الجبر: أنَّ أفعالَ العباد من الله، تعالى عن ذلك.
(٢) لفظ المتن: في نسخة «ب» (ما أباحه له). وفي نسخة «ث» (ما أباحه به). وفي الشرح كما هو في الأصل.