لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [في التكليف ووجه حسنه]

صفحة 113 - الجزء 1

فصل [في التكليف ووجه حسنه]

  (والتكليفُ لغة: تحميل ما يَشُقُّ) يقال: كلفني فلانٌ عمل كذا، أي: حمَّلني مشقته وثقله.

  (واصطلاحاً: البلوغ والعقل) فيقال: فلان مكلف، أي: بالغٌ عاقلٌ.

  (وشرعاً: تحميل) المكلف (الأحكام) الخمسة التي هي: الوجوب، والحرام، والندب، والكراهة، والإباحة، سواء كانت عقلية أم شرعية، فالمكلف محمل فعل الواجب كالصلاة وسائر الواجبات الشرعية والعقلية، وكذلك محمل ترك الحرام كالظلم ونحوه، ومحمل أيضاً فعل المندوب وترك المكروه على وجه التحبيب لا الحتم، ومحمل معرفة حكم المباح.

  (ووجه حسنه: كونه عَرْضاً على الخير) وهو الفوز بالنعيم الدائم والدرجات العالية في جنات النعيم (كما مرَّ) في بيان الحكمة من خلق المكلفين، (وكذلك الزيادة فيه) فإنه عَرْضٌ على الخير (من إمهال إبليس والتخلية) بينه وبين إغواء العباد (و) كذلك (إنزال المتشابه) من القرآن ودمجه مع المحكم، (وتفريق آيات الأحكام الخمسة) في القرآن (وإبقاء المنسوخ مع بقاء الناسخ) له في القرآن يُتلى مع تلاوته، (ونحو ذلك) كزيادة داعي الشهوة والابتلاء بالمصائبِ والآلام وغير ذلك؛ (لأنَّها) كلَّها (عَرْضٌ على استكثار الثواب وهو حَسَنٌ).

  قال (المسلمون: ولم يكلف الله سبحانه وتعالى) أحداً من خلقه (إِلَّا ما يُطَاق).

  وقال (الأشعري: بل كَلَّفَ اللهُ أبا جهل ما لم يُطِق؛ حيثُ أمره أن يَعْلَم ما جاء به النبي ÷ وبالإيمان معاً، ومن جملة ما جاء به النبي ÷ الإخبار بأنه كافر) من أهل النار.

  (فإعلامه به) أي: إعلام أبي جهل بأنه كافر (تكليفٌ) من الله لأبي جهل (ويلزم) منه (التكليفُ بلازمه، وهو الكفر مع الإيمان، والجمع بينهما لا يُطاق).

  (والجواب والله الموفق: أنَّ كفرَ أبي جهل - لعنه الله تعالى - سببٌ للإعلام بأنه كافرٌ ضرورةً، لا) كما عكَّس الأشعري من (أن ذلك الإعلام سبب لحصول كفره، وإذا لم يكن الإعلام سبباً) لكفره (لم يلزم التكليف بالكفر) بل حصل منه الكفر باختياره واتِّباع هواه.