فصل في بيان معاني كلمات من المتشابه
[معاني الإغواء]
  (والإغواءُ) في لغة العرب يكون لمعانٍ:
  ١ - (بمعنى: الصَّرفِ عن واضح الطريق) أي: الإمالة عن طريق الحق.
  ٢ - (وبمعنى: الإتعاب) للحيوان، (يقال: أغوَى الفصيلَ، إذا أتعبه بحبسه عن الماء واللَّبن).
  ٣ - (وبمعنى: الحُكم والتسمية) كما مرَّ في الهدى والضلال، (فيجوز أن يقال: إنَّ الله أغوى الضُّلَّال، بمعنى: حكم عليهم وسمَّاهم به؛ لَمَّا غَوَوْا) وضلُّوا (عن طريق الحق. ويُغويهم في الآخرة بمعنى: يتعبهم) بالعذاب (جزاءً على أعمالهم) التي عصوا الله بها في الدنيا.
  قالت (العدلية: لا بمعنى صرفهم عن طريق الحق) إلى طريق الضلال فلا يجوز؛ لأنه قبيحٌ والله تعالى لا يفعله، (خلافاً للمجبرة) فإنهم يجوزون ذلك، كما هو المعروف من مذهبهم.
  (قلنا: ذلك ذَمٌّ لِلهِ تعالى، وتزكية لإبليس كما مرَّ) آنفاً.
[معاني الفتنة]
  (والفتنةُ في لغة العرب) تكون لمعانٍ منها:
  ١ - (بمعنى المحنة) والتمحيص (كما قال ÷: «سيأتي من بعدي فتنٌ متشابهة كقطع الليل المظلم، فيظن المؤمنون أنَّهم هالكون عندها، ثم يكشفها الله تعالى بنا أهل البيت ...» الخبر) فالمراد بالفتن هنا: المحن والشدائد والأهوال.
  ٢ - (وبمعنى: الاختبار، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ... الآية}[العنكبوت: ٣] أي: اختبرناهم بالتكاليف والشدائد).
  ٣ - (وبمعنى الإضلال عن طريق الحق، قال تعالى: {مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِين إلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيم}) [الصافات: ١٦٣] أي: ما أنتم بمضلين عن الحق إلَّا من هو من أهل الضلال.
  ٤ - (وبمعنى: العذاب، قال تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُون}) [الذاريات: ١٣] أي: يعذبون.
  إذا عرفت ذلك (فيجوز أن يُقال: فتن الله المكلفين بمعنى اختبرهم بالتكاليف والشدائد) التي تنالهم في الدنيا من الخوف ونقص الأموال والأنفس والثمرات.