لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [في بيان المحكم والمتشابه]

صفحة 132 - الجزء 1

فصل [في بيان المحكم والمتشابه]

  (والمحكم) من القرآن قسمان: الأول منهما: (ما لا يحتمل أكثر من معنى) واحدٍ، وقيل: ما وَضَحَ معناه، (أو يدل على معانٍ امتنع قصر دلالته على بعضها دون بعض) منها، فإنه يُحمل عليها كلها (نحو: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ}) [لقمان: ١٧] فالمعروف أنواعه كثيرة وهو عامٌ فيها كلها لامتناع حمله على بعضها دون بعض، فهذا من المحكم (ويُسمَّى النَّص) لأنه نص على ما دل عليه نصاً.

  والقسم الثاني من المحكم ما أشار إليه # بقوله: (أو يكون أحدُ معانيه أظهر) في فهمه من الآخر؛ (لسبقه إلى الفهم، ولم يُخالف نصّاً ولا إجماعاً، ولا يُثْبِتُ ما قضى العقل ببطلانه) فإنه متى كان أحد معانيه أظهر ولم يخالف نصاً ... إلخ فهو من المحكم (ويُسمَّى الظاهر).

  (والمتشابه: ما عداهما) أي: ما عدا النص والظاهر، والمعنى: أن المتشابه ما عدا المحكم.

  قال (أئمتنا $ والمعتزلة وبعض الأشعرية: ويعلمُ تأويله) أي: المتشابه (الراسخون في العلم) وذلك (بأن يحملوه على معناه الموافق للمحكم) فيردّوا نحو قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة ... الآية}⁣[القيامه: ٢٢] إلى قوله تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ}⁣[الأنعام: ١٠٣] ونحو ذلك؛ لقوله تعالى في المحكم: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}⁣[آل عمران: ٧] أي: أصله الذي يرجع إليه ويُرَدُّ ما خالفه في الدلالة عليه.

  (و) قال (بعض الأشعرية وغيرهم: لا يعلمه) أي: المتشابه (إلَّا الله).

  (قلنا: خُوْطِبْنَا به والحكيم لا يُخاطِب بما لا يُفهم)؛ لأنه يكون عبثاً يتعالى الله عنه (وأيضاً الواو في قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}⁣[آل عمران: ٧] ظاهرة في العطف) ولا وجه يقتضي العدول عن الظاهر، (وإن سُلِّم عدم ظهوره) أي: الواو (كذلك) أي: في العطف (فمتشابه) أي: فالواو من المتشابه؛ (لاحتماله الحال والاستئناف والعطف) فهذه ثلاثة معانٍ تحتملها الواو فيكون من المتشابه، (فيلزمهم ألَّا يَحتجوا بها؛ لكونهم لا يعلمون تأويلها) لزعمهم أنَّه لا يعلم تأويل المتشابه إلَّا الله.