فصل
فصل
  (والحقُّ في) مسائل (أُصول الدين) التي هي موضوع هذا الكتاب، (وأصول الشرائع) التي تقدم ذكرها آنفاً، (و) مسائل (أُصول الفقه، والقطعي من الفروع) وهو ما كان دليله معلوماً من الكتاب أو السُّنَّة أو القياس القطعي، فإنَّ الحقَ في هذه المتقدم ذكرها جميعاً: (واحدٌ اتفاقاً) والمعنى في ذلك أنه لا يجوز تصويب المختلفين جميعاً في شيء من ذلك اتفاقاً (إلَّا عن عبدالله بن الحسن العنبري، وداود الأصفهاني) فقالا: كلُّ مجتهدٍ فيها مصيبٌ.
  (لنا: الإجماع) من المسلمين (على تخطئة الملاحدة وكفرهم) وهم المنكرون للصانع، فإنَّهم مع ذلك مخطئون من أهل النار، (و) لنا أيضاً (ما يأتي إن شاء الله تعالى).
  (ثم اختلف الناس) بعد اتفاقهم أنَّ الحقَ فيما ذُكِرَ واحدٌ (في حكم المخطئ) للحق (بعد قبول الإسلام، فذهب كثيرٌ إلى أنه آثمٌ مطلقاً) أي: أطلقوا ولم يخصوا معانداً من غيره وقالوا: هو أيضاً (كافرٌ إن خالفَ ما عُلِمَ من الدين ضرورة مطلقاً) أي: أطلقوا كذلك.
  (وذهب الجاحظُ وأبو مضر والرازي: أنه معفوٌ عن المخالف) للحق (الغير المعاند مطلقاً) أي: أطلقوا ولم يفصلوا بين المخالف لما عُلِمَ من ضرورة الدين، وبين المخالف في غيره.
  قال #: (والحق أنَّ المخطئَ إن عاند) أي: خالف الحق تعمداً (فهو آثمٌ، كافرٌ إن خالف ما عُلِمَ من الدين ضرورة) كمنكر أصول الشرائع، ومنكر معجزة الرسول ونحو ذلك؛ (لأنَّه تكذيب لله تعالى ولرسوله ÷) وذلك كفرٌ إجماعاً.
  (وإن لم يعاند وكان خَطَؤُهُ مؤدِّياً إلى الجهل بالله سبحانه، أو إنكار رسله في جميع ما بلَّغوا عن الله سبحانه أو بعضه فهو آثمٌ كافرٌ أيضاً؛ لأنَّ المجسمَ يعبد غيرَ الله تعالى، ويعتقد أن التأثير لذلك الغير) الذي هو جسم (كالوثنية، والمنجمة، والطبائعيَّة، ولا خلاف في كفرهم) أي: هذه الفرق (مع نظرهم) الرَّدِي فهم مع ذلك معاندون.