فصل [في ذكر نبوة نبينا محمد ÷ ومعجزاته]
فصل [في ذكر نبوَّة نبينا محمد ÷ ومعجزاته]
  (ومعجزات نبينا ÷ كثيرة) قيل: إنَّها ألفُ معجزة، وقيل: أكثر من ذلك، منها وأعظمها القرآن الذي هو المعجزة الكبرى، ثم اختُلف في المتواتر منها.
  فقال (أئمتنا $ والبغدادية: وقد تواتر منها مع القرآن كثير نحو حنين الجذع) وذلك أن النبي ÷ كان يخطب إلى جِذْع نخل من قبل أن ينصب له المنبر، فلما نُصب وتحوَّل إليه النبي ÷ حنَّ الجذعُ كما يحنُّ الفصيل، فما سكن حتى التزمه النبي ÷.
  وقال (أبو علي وأبو هاشم: لم يتواتر منها) أي: من معجزاته ÷ (إلَّا القرآن وإلا لشاركنا الكفارُ في العلم به) أي: لو تواتر غير القرآن لعلمه الكفار مثلنا.
  (قلنا: عدم علمهم لا يقدح في التواتر كمن لا يعلم صنعاء، وقد تواترت لكثير).
  قال (أئمتنا $ والبصرية: وانشقاق القمر) المذكور في القرآن (قد وُجِدَ وهي معجزة) للنبي ÷ وذلك أن أهل مكة سألوا النبي أن يريهم آيةً، فأراهم انشقاق القمر، (خلافاً للبلخي والخياط) فقالا: لم يقع وإنما يقع يوم القيامة.
  (لنا: قوله تعالى: {وَانشَقَّ الْقَمَر}[القمر: ١] والظاهر المضيُّ) لأنه فعل ماضٍ ولا وجه للعدول عن الظاهر، (و) لنا: (أخبار كثيرة) تقضي بذلك (منها: حتى رأى عبد الله بن مسعود جبل حِرَاَء من بين فِلْقَتَيه)، وعلى الجملة فإنه لا خلاف بين الأمة في إعجاز القرآن وأنه كلام الله، جاء به محمدٌ من ربه، وإنما اختلفوا في وجه إعجازه.
  فقال (أئمتنا $ والجمهور: وإعجاز القرآن في بلاغته الخارقة للعادة).
  (وقيل) بل وجه إعجاز القرآن: (للإخبار بالغيب).
  (وقيل: كون قارئه لا يكل) عن تلاوته (وسامعه لا يمل) عن سماعه.
  (وقيل: سلامته من التناقض والاختلاف) مع كثرة أمثاله وقصصه وأحكامه، فلوكان من البشر لوُجِدَ فيه التناقض والاختلاف.