فصل [ما يدرك بالعقل]
فصل [ما يدرك بالعقل]
  (وما يدرك بالعقل: قد يكون بلا واسطةِ نظرٍ كالضروريات) وهي التي تدرك بضرورة العقل وفطرته، والعلوم الضرورية عشرة، كما مرَّ ذكرها.
  (و) قد يكون (بواسطة نظرٍ كالاستدلاليات) كمعرفة الله فإنها تحتاج إلى نظر واستدلال.
  (والإدراك به) أي: بالعقل ينقسم إلى قسمين:
  (إن عَرِيَ عن حكم) أي: عن نسبة شيء إلى شيء نفياً أو إثباتاً؛ لأنَّ الحكمَ هو: النسبة أي: الإسناد كما هو معروف في النحو، فإن عري عن ذلك (فتصوُّرٌ) وسُمِّيَ تصوُّراً؛ لأنَّه يُعلم به صُوَرُ الأشياءِ ومفرداتها، ومعنى ذلك أنّه يحصل في ذهن الإنسان صورةً مطابقة لما في الخارج، وذلك كتصور الحرارة والبرودة والرطوبة فهذا تصور يحصل بلا نظرٍ، أو يحصل بالنظر وذلك كتصور حقيقة الملَك والجن.
  (وإن لم يَعْرَ) الإدراك بالعقل عن النسبة (فتصديق) أي: يسمَّى تصديقاً؛ لصحة دخول التصديق في الخبر المطابق له، ومن التصديقات ما يحصل بلا نظرٍ كالتصديق بأنَّ الشمسَ مشرقةٌ والنارَ محرقةٌ، ومنها: ما يحصل بالنظرِ كالتصديق بأنَّ العَالَم حادثٌ، والصانعَ موجودٌ.
  (والتصديق) ينقسم إلى قسمين:
  (جازم) وهو ما حصل القطع بوقوعه، (وغير جازم) وهو بخلافه.
  (فالجازم مع المطابقة) للواقع (وسكونِ الخاطرِ: عِلْمٌ).
  (ومع عدمهما) أي عدم المطابقة وسكون الخاطر (أو الأول: اعتقاد فاسد وجهلٌ مركب) وهو: تصور الشيء أو تصديقه على خلاف ما هو عليه كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  (ومع عدم الثاني:) أي: عدم سكون الخاطر، مع أنه قد طابق الواقع (اعتقاد صحيح).
  (و) التصديق (غير الجازم: إن كان راجحاً) أي: اعتقاداً راجحاً على خلافه بأمارةٍ (فظنٌّ) أي: بمثابة ٦٠ %. (وإن كان مرجوحاً) وكان خلافه الراجح (فو همٌ) أي: بمثابة ٤٠ %.
  (وإن استوى) فيه (الحال) ولم يترجح أحد الجانبين (فشكٌ) أي: بمثابة ٥٠ %.