فصل [في بيان الحق في الظني من الفروع]
فرع
  (واختلف الُمخطِّية) أي: الذين ذهبوا إلى أنَّ الحقَ في المسائل الظنية الفرعية واحدٌ.
  فقال (بشر المريسي، وابن عُلَيَّة، والأصم: فالمخالف) للحق (مخطئٌ آثمٌ مطلقاً) أي: لم يشرطوا شرطاً بل أطلقوا.
  وقال (بعضُ أصحاب الشافعي: بل هو مخطئٌ معذورٌ) لا إثم عليه (مطلقاً) أي: أطلقوا كذلك.
  (وقال بعضُ أصحاب الشافعي: بل مصيب) ولكنه (مخالف لِلأَشْبَهِ مطلقاً) أي: أطلقوا.
  هذا، والحق ما ذهب إليه (جمهور أئمتنا $) من أنَّه لا إثم على المخطئ الجاهل بعد التحري، (بل مَنْ خالف مجتهدي العترة عمداً) أي: وهو عالم بمخالفته لهم، (وأخذ(١) عن غيرهم) من سائر المخالفين لهم عمداً، (أو سلك في الأصول غير طريقهم عمداً أيضاً؛ لتفرع كثير من الخلافات عليه) أي: على ذلك الأصل الذي خالف فيه مجتهدي العترة، فإذ كان المخالف على ما ذكرنا (فهو آثمٌ، واجتهادُه حظرٌ)؛ لأنَّه يُؤدي إلى مخالفة أهل البيت $، وقد عُلِمَ بالأدلة المتظاهرة أنَّهم أهل الحق، وأن متبعهم ناجٍ ومخالفهم هالك كما مَرَّ، هذا وإنَّما ضل مخالف العترة $ (لآية التطهير، وخبرَيْ السفينة) وقد مرَّ ذكر ذلك، (و «إني تارك فيكم» و «لا تخالفوهم فتضلوا» ونحو ذلك) كثير مما لا يتسع له هذا المقام.
  (ومن أخطأ أو سها بعد البحث والتحري) في الاجتهاد ولم يتعمد مخالفة العترة $، (فمعذور) لا إثم عليه؛ (لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ}[الأحزاب: ٥]، وقوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان») ولأنَّ الله لا يُكلِّف نفساً إلَّا وسعها.
(١) لفظ المتن في الشرح: «أو أخذ».