فصل [في حقيقة الكفر والنفاق والفسق والعصيان والظلم]
فصل [في حقيقة الكفر والنفاق والفسق والعصيان والظلم]
  (والكفر لغةً: التغطية) ومنه سُمِّيَ الزارعُ كافراً؛ لأنه يغطي البذر بالتراب، وكذلك سُمِّي الليلُ كافراً لأنه يغطي بظلمته كلَّ شيءٍ ومن ذلك سُمِّي الكافرُ بالله لأنه يسترُ نعم الله.
  (وفي عرفها) أي: في عرف اللغة يطلق الكفر ويراد به (الإخلال بالشكر قال الشاعر:
  نُبِّئْتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِر نِعْمَتِي ... والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لِنَفْسِ المُنْعَمِ)
  (و) الكفر (ديناً:) أي: بنقل الشارع له إلى أصول الدين (عصيان مخرج لمرتكبه من مِلَّة الإسلام) وذلك كمن كذَّب بالله ورسوله، أو نسب إليه تعالى صفةَ نقصٍ ونحو ذلك.
  (والنفاق لغةً: الرياءُ) أي: إظهار الخير وإبطان الشر. (وديناً) أي: في الدين بنقل الشارع له: (إظهار الإسلام وإبطان الكفر).
  (و) رُوي (عن القاسم #) أنه قال: (بل) النفاق هو: (الرياء فقط) وهو إظهار الخير وإبطان الشر، فهو باقٍ عنده على معناه اللغوي لم ينقله الشرع؛ (لقوله تعالى: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ}[آل عمران: ١٦٧] ولو كانوا كُفَّاراً ما قال: هم أقربُ إليه، وهم فيه) لأنه لا يُقال: هذا أقرب إلى هذا إلَّا وهو غير حاصل فيه.
  قال #: (قلنا: المراد أنهم مائلون إليه) أي: إلى الكفر (لقوله تعالى فيهم: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُون}) [التوبة: ٥٤] وهذا تصريح بكفرهم (ولتصريحهم بتكذيب الله تعالى فيما حكى الله تعالى عنهم في قوله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا}) [الأحزاب: ١٢] أي: كذباً، ومن كذَّب الله ورسوله فهو كافر.
  وقيل: إن القاسم بن إبراهيم # لم يمنع من تسمية من أظهر الإسلام وأبطن الكفر منافقاً، وإنَّما منع من اختصاص المنافق به؛ لعدم الدليل على الاختصاص.