التجريد في فقه الإمامين الأعظمين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

ترجمة الإمام القاسم بن إبراهيم #

صفحة 16 - الجزء 1

  حدثني أبو العباس | قال: سمعت أبا زيد عيسي بن محمد العلوي | يقول: قلت لمحمد بن منصور: النَّاس يقولون: إنك لم تستكثر من القاسم #. قال: بلي، صحبته فيما كنت أقع إليه خمساً وعشرين سنة، فقلنا له: إنك لست تكثر الرواية عنه، قال: كأنكم تظنون أنا كلما أردنا كلمناه، مَنْ كان يجسر على ذلك منا؟! ولقد كان له في نفسه شغل، كنت إذا لقيته لقيته كأنما أُلْبِسَ حُزْناً ..

  وحدثني عن جده الحسن بن إبراهيم، عن أبي عبد الله الفارسي وكان خادم القاسم # وملازمه في السَّفر والحضر، قال: دخلنا معه # حين اشتد به الطلب - أظنه قال: أوائل بلاد مصر - فانتهى إلى خان، فاكتري خمس حجر


= الحجاز، ثم استأذن عينا عبد الله بن موسي بن عبد الله بن الحسن قادما من الشام، وراءهم أبو محمد الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد فجاءنا وسلم على القوم ودعا لهم بالسلامة وقال: الحمدلله الذي جمعنا وإياكم في دار ولي من أوليائنا. قال محمد بن منصور: وهؤلاء هم الذين كان يشار إليهم ويفزع السلطان منهم وقد امتنعوا عن الحضور عندهم وفي مجالسهم وأخذ عطاياهم، ثم طلب منهم محمد بن منصور أن يبايعوا أحدهم، فأجابو طلبه، ثم برز أبو محمد القاسم بن إبراهيم وأقبل علي أبي عبد الله وقال: إن شيخنا وولينا قد قال قولاً صادقاً متفقاً وقد اخترتك لأمة محمد صلى الله عليه وآله وأنت العالم القوي تقوى على هذا الأمر فقد رضيتك ورضى أصحابنا قبول هذا الأمر فمد يدك أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله فأنت الرضى ما تقولون يا أصحابنا؟ قالوا جميعاً: رضي رضي. قال أحمد بن عيسى: لا والله وأنت يا أبا محمد حاضر إذا حضرت فلا يجب لأحد أن يتقدمك ويختار عليك وأنت أولى بالبيعة مي. ثم أقبل القاسم على عبد الله بن موسى فقال: يا أبا محمد قد سمعت ما جرى وقد امتنع أبو عبد الله أن يقبل ما اشرت به وأنت لنا رضى وقد رضيتك لعلمك وزهدك. فقال: يا أبا محمد نحن لانختار عليك أحد، وقد أصاب أبو عبد الله فيما قال وانت الرضى لجميعنا. ثم أقبل على الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد فقال: فأنت يا أبا محمد إقبل هذا الأمر فإنك أهل له وأنت قوي على النظر فيه والبلد بلدك وتعرف من أمر الناس ما لانعرف فقال: يا أبا محمد والله لايتقدم بين يديك أحد إلا وهو مخطئ أنت الإمام وأنت الرضى وقد رضيناك جميعاً. فقال القاسم: اللهم غفرااً اللهم غفراً. ثم إن أحمد بن عيسى أقبل على القوم فقال: إن أبا محمد لنا رضي وقد رضيت به وأخذ يده وقال: قد بيعتك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وأنت الرضى. ثم بايعه جميعم، فلما أصبحوا تفرقوا ومضى القاسم بن إبراهيم إلى الحجاز، وأحمد بن عيسى إلى البصرة، وعبدالله بن موسى إلى الشام، ورجع الحسن بن يحيى إلى منزله.