التجريد في فقه الإمامين الأعظمين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

ترجمة الإمام القاسم بن إبراهيم #

صفحة 17 - الجزء 1

  متلاصقات، فقلت له يا بن رسول الله نحن في عَوَزٍ من النفقة وتكفينا حجرة من هذه الحجر، ففرغ حجرتين عن اليمين وحجرتين عن اليسار، ونزلنا معه الوسطى منهن، وقال: هو أوقى لنا من مجاورة فاجر وسماع منكر.

  وحدثني عن جده، عن أبي عبد الله الفارسي قال: ضاق بالإمام القاسم # المسالك واشتد الطلب، ونحن مختفون معه خلف حانوت أسكاف من خُلصان الزيدية، فَنُودِيَ نداء يبلغنا صوته: برئت الذمة ممن آوى القاسم بن إبراهيم، وممن لا يدل عليه، ومن دل عليه فله ألف دينار، ومن البز كذا وكذا. والأسكافي مطرقٌ يسمع ويعمل ولا يرفع رأسه، فلما جأنا قلنا له: أما ارْتَعت؟ قال: ومن لي بارتياعي منهم، ولو قُرِّضْتُ بالمقاريض بعد إرضاء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله عني في وقايتي لولده بنفسي.

  وحدثني عن جده، عن أبي عبد الله الفارسي قال: حججنا مع القاسم بن إبراهيم #، فاستيقظت في بعض الليل وافتقدته، فخرجت وأتيت المسجد الحرام؛ فإذا أنا به وراء المقام لاطئا بالأرض ساجدا، وقد بل الثرى بدموعه، وهو يقول: إلهي من أنا فتعذبني، فوالله ما يشين ملكك معصيتي، ولا يزين ملكك طاعتي.

  وحدثني |، عن عبد الله بن أحمد بن سلام |، أنَّه قال عن نفسه أو عن أبيه: لست أجسر على النظر في (كتاب الهجرة) للقاسم #، وأومي إلى أن ذلك لما فيه من التخشين والتشديد في الزهد وترك الدنيا والتباعد من الظالمين.

  وحكي الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين # عن أبيه أن المأمون كلف بعض العلوية أن يتوسط بينه وبين القاسم #، ويصل ما بينهما على أن يبذل له مالاً عظيماً، فخاطبه في أن يبدأه بكتاب أو يجيب عن كتابه، فقال #: لا يراني الله