كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الاسم

صفحة 12 - الجزء 1

  وذلك المعنى هو نفس المسمى، ومعنى مُفرد، أي مُجرد من دلالة الزمان؛ لأن الفعل يدل بلفظه دلالتين على الحدث والزمان والحرف يدل بلفظه دلالتين على الإيجاب تارة وعلى النفي تارة، والاسم لا يدلُّ بلفظه إلا دلالة مفردة وهي مجردة ذاتية، فعلى هذا تقول: كل اسم يدل على معنى في نفسه، وكل ما دل على معنى في نفسه فهو اسم، وهذه حقيقة تلزم جميع الأسماء، إلا أن الظاهر منها يدلُّ دلالتين: دلالة لفظ، ودلالة إعراب، فاللفظ يدل على مجرد الذات - كما قدمنا - وذلك نحو قولك: زيد دلت على ذات ولم تخبر عنها بشيء.

  والإعراب يدلُّ على صريح المعنى، وذلك في مثل الفاعل والمفعول من نحو: ضرب زيد عمرًا، فكما رفعت زيدًا عُلِمَ أنه فاعل، وكما نصبتَ عمرًا عُلِمَ أنه مفعول، ومثله في التعجب والنفي والاستفهام من نحو قولهم: ما أحسن زيدًا! في التعجب، وما أحسن زيد في النفي، وما أحسنُ زيد؟ في الاستفهام، فاللفظ مُتفق وإعرابه مختلف؛ فدل على المعاني المختلفة والفاصل بينهما الإعراب. وفي الخبر: إن عليًّا # سمع رجلاً يقول: قتل الناس عثمان، ولم يعرب، فقال له: ارفع الفاعل وانصب المفعول، رَض الله فاك.

  فصل: وسُمي اسمًا لأنه بمسماه، كما قال طاهر بن أحمد: ومعنى سموه أنه أبان عنه شخصًا وغير شخص، فرفعه إلى رتبة الفاعل لأن كل اسم تجوز أن يُنسب إليه الفعل وأخرجه إلى حالة الوجود، إذ هو قبل أن ينطق به غير شيء، فإذا نُطِقَ به دلَّ على الذوات، ولولا الاسم لم يُعرف المسمى.

  واشتقاقه عند البصريين من السمو وهو العلو، وعند الكوفيين من السمة، وهي العلامة، قال تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ١٦}⁣[القلم] أي: سنعلمه بعلامة ظاهرة، والأول أصح القولين، والدليل على ذلك من وجهين: أحدهما: ما قدمناه وهو أن الاسم يرفع المسمى إلى رتبة الفاعل ويخرجُهُ إلى حالة الوجود، والثاني: من قبل تصغيره وتكبيره من نحو، سُمي وأسماء، قال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ