باب تأكيد الفعل
  فيزيد اسم ما لم يسم فاعله، وضارع هو الفاعل المحذوف أُعيد ورفع بفعل آخر تقديره: يبكيه ضارع. وأما قولهم في الاسمين بفعل كل واحد منهما بالآخر ما يفعل به الآخر فيذكرونهما فاعلين ولا يذكرون المفعولين على حد قولهم: أيستحيل زيد عمرو على تقدير أستجهل زيد عمرًا. واستجهل عمرو زيدًا. فما أرى أن ذلك يجوز إذ لا وجه له. وإنَّما أجرى أكثرهم على ذلك البيتان وهما: (كامل)
  هيهات قد سفهت أمية رأيها ... واستجهلت حلماؤها علماؤها
  حرب تشاجَرَ بَيْنَهُم بتناجز ... قد كفرث آباؤها أبناؤها(١)
  ولهذين البيتين عند العلماء وجة يصح وتخريج يصح ذلك أنَّهم يرفعونَ الحلماء بدلاً من أمية والعلماء باستجهلت. ويرفعونَ الآباء بتناجز لأن المصدر يرفع الفاعل والأبناء بكفرت والتقدير قد سفهت أمية حلماؤها وهو بدل البعض من الكل. واستجهلت علماؤها أي صاروا جهلة بعد العلم. ثم قال: حرب تشاجر بينهم بتناجز أباؤها أي بأن تناجز أبناؤها ثم قال: قد كفرت أبناؤها يعني بالسلاح ولبس الدروع فافهم ذلك، وقس عليه. وفصل بين تناجز وبين الآباء وهو غير جائز لأن الشعر موضع ضرورة.
باب تأكيد الفعل
  وفيه ثلاثة أسئلة: كم الأفعال التي تُؤكد؟ وعلى كم ينقسم؟ وما أحكامها؟
  فصل: أما كم الأفعال المؤكدة؟ فأربعة وهي: الأمر والنهي، والاستفهام، والقسم. مثال الأمر: اضربن زيدا، قال العطوي: (خفيف)
  عرضا للذي يحبُّ بحب ... ثم دَعْهُ يَروضُهُ إبليس(٢)
  ومثال النهي: لا تقولن إلا الحق، قال الله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ
(١) البيتان للفرزدق انظر: ديوانه: ١/ ٣.
(٢) هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي عطية، مولى بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، ويكنى بأبي عبد الرحمن بصري المولد والمنشأ.