كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب أحكام أو، والواو، والفاء

صفحة 170 - الجزء 1

  والنصب لا يجوز إلا بعد النّقل مِنَ الحال إلى الاستقبال كما مثلنا، فإن كان الفعل صالحًا للمضي والحال والاستقبال، مثل قولك: سرْتُ حتى أدخل المدينة كان على نية القراءة: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ}⁣[البقرة: ٢١٤] بالرفع والنصب، فمن قدره حتى قال رفع ومن قدره إلى أن يقول: نصب ومتى كان الفعل الذي قبل حتى ليس سببًا للفعل الذي بعدها نصبت بلا بد نحو قولك: سرت حتى تطلع الشمس، لأن الشمس كانت تطلع وإن لم تسر ومثله نمت حتى يؤذن المؤذن، وأقمتُ حتى يرخص السعر، أو يقع الغيثُ لأن فعلك ليس سببًا لذلك.

  وأما إذن فحكمها أنَّها لا تنصب حتى تجتمع لها ستُ شرائط: تكون ابتداء كلام جوابًا بالمخاطب ليس معها حرف عطف، ولم يفصل بينها وبين معمولها شيء غالبًا، ولم يكن الفعل فعل حال ولم يكن ما بعدها معتمدًا على ما قبلها، وذلك نحو أن يقول قائل: أنا أكرمك، فتقول مجيبًا له: إذن أشكرك، فهو منصوب لا يجوز إلا النصب لاجتماع الشرائط الست فيه. ولو عطفت فقلت: فإذن أشكرك، أو فصلت فقلت: إذن عبد الله يشكرك، أو كان الفعل بعدها معتمدًا على ما قبلها كأن يكون له خبرًا، مثل قولك: أنا إذن أشكرك، أنا: مبتدأ، وأشكرك: خبره، فرفعت في جميع ذلك. وقلنا في الفصل: غالبًا؛ احترازًا من القسم والنداء فإنه يجوز النصب معها إذا قلت: إذن والله أشكرك، وإذن يا زيد أشكرك، وكذلك الفصل بلا، تقول: إذن لا أشكرك بالرفع والنصب، وعليه القراءة: {وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا ٧٦}⁣[الإسراء]، وإذن لا يلبثوا خلافك إلا قليلاً تحذف النون للنصب. وأما الواو والفاء، وأو فأحكامها كثيرة، ونحنُ نفرد لها بابًا يعقب هذا الباب إن شاء الله تعالى.

باب أحكام أو، والواو، والفاء

  فصل: أما أو فإنَّها إذا كانت بمعنى إلى أن عملت عملها وذلك نحو قولك: لألزمنك أو تعطيني حقي، والمعنى إلى أن تعطيني حقي، ولا يجوز إلغاؤها بحال. فأما قوله ø: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}⁣[الفتح: ١٦]، فإن معناه: أو هم