باب الحروف التي تنصب الفعل المستقبل
باب الحروف التي تنصب الفعل المستقبل
  وفيه خمسة أسئلة: كم هي؟ وما معانيها؟ وما شرائطها؟ وعلى كم تنقسم؟ وما أحكامها؟
  فصل: أما كم هي: فهي تسعة:
  أن، ولن، وكي، وإذن، وحتى والواو والفاء، وأو في الجواب، ولام الغرض في الموجب، وغيره. وكلُّها حروف إلا أن فهي اسم ناقص بمعنى المصدر يُحكم على موضعها بالإعراب رفعا ونصبًا وجرَّا، فالرفع مثل قولك: يعجبني أن يقوم، لأن التقدير يعجبني قيامك والنصب مثل: ولكن كرهت أن يقوم، لأن التقدير: كرهت قيامك، والجر مثل قولك: عجبتُ من أن تقوم أي عجبت من قيامك هكذا أبدًا تصلها بالفعل الذي بعدها وتقدرها بمصدره.
  فصل: ومعانيها مختلفة، فمعنى أن المصدر، ومعنى لن: نفي المستقبل لأنها نقيضة لم، تقول: لم يفعل فُلان ذلك قط، ولن تفعله أبدا، قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}[البقرة: ٢٤]، ومعنى كي: الغرض، ألا ترى أنك تقول: سألتك كي تعطيني. فتجعل غرض سؤالك العطية، ومعنى حتى الغاية؛ لأنها بمعنى إلى أن، ومعنى إذن والواو والفاء وأو: الجواب، لأنَّها لا تكون إلا جوابًا في الغالب. ومعنى اللام: الغرض كمعنى كي، وهي في الأصل لام جَرّ تدخل على المفعول من أجله، ولذلك كسرت، ومثالها في الواجب زرتك لتزورني، وفي النفي: ما سألتك لتحرمني، قال الله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ}[آل عمران: ١٧٩]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}[الأنفال: ٣٣].
  فصل: وشرائطها أنها لا تعمل في الفعل حتى تنقله نقلين، أحدهما: أنها كلها تنقله من الحال إلى الاستقبال فلا يكون الفعل معها حاضرًا أبدا، والنقل الثاني: مختلف كاختلافها، فإنَّها تنقله من التمام إلى النقصان، لأنه هو وفاعله كانا كلمة تامة حتى دخلت عليه أن فصيَّرته بعض كلمة من حيث كان صلة لها، والصلة بعض