كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب التوكيد

صفحة 215 - الجزء 1

  البيان لأنه لا يأتي بلفظ الأول ولا بمعناه ومنه قولهم يا أخوينا زيدًا وعمرًا، فلو أردت بزيد وعمرو البدل لم يجز نصبهما، لأنك لا تقول يا زيدًا ويا عمرًا فافهم ذلك.

بَابُ التَّوكيد

  وفيه ثلاثة أسئلة ما التوكيد؟ وعلى كم ينقسم؟ وما أحكامه؟

  فصل: أما ما التوكيد؟ فهو تحقيق المعنى في النفس بإعادة لفظ أو معنى.

  فالتوكيد بإعادة اللفظ يتبع الاسم والفعل، والحرف، وهو أن تعيد لفظ المؤكد بعينه نحو قولك: هذا زيد زيد، وأنت أنت الذي فعلت الفعل. وتقول عند العجلة: قم قم الساعة الساعة، وامض سريعًا سريعًا. ويقول القائل: أفعل كذا فتقول: قد قد، أو لا لا. ومن شواهد ذلك قول الشاعر: (متقارب)

  كُلُّ من شاد مفخرًا فليشده ... هكذا هكذا وإلا فلا ولا⁣(⁣١)

  ومثله: أنت أنت الصّيف واللَّبَنُ. ومثله واجعل جوابِي إِنَّ إِنَّ إِنَّه؛ أي: نعم نعم نعم، ومثله: (وافر)

  أبوك أبوك أربَدُ غير شك ... أحلك في المَخازِي حَيْثُ حَلَّا⁣(⁣٢)

  وقال القَطَامِي:

  إذا التيار ذو العَضَلاتِ قالوا ... إليك إليك ضَاقَ بهَا ذرعا⁣(⁣٣)

  ولا بأس في شيء قُلتُه: (كامل)

  ووعدتني وعدًا سَداهُ نَعم نعم ... سحرًا ولحُمَتُه الخفية لا لا

  وربما جاء توكيد اللفظ بلفظ تابع للأول، وليس به فيؤتى به زيادة في البيان أو تحسينا للفظ، ولم يكن هناك لبس. فالذي يجيء زيادة في البيان نحو قولك:


(١) البيت للمتنبي انظر: ديوانه: ٣٠٨.

(٢) البيت نسب إلى جميل في التنبيه على شرح مشكلات الحماسة: ١٢٥، ولكن البيت غير موجود في ديوان جميل.

(٣) انظر: ديوانه: ٤٠.