باب التمييز
  جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}[النساء: ٩٠] أي حصرة، والظرف نحو قولك: سار زيد أمامك، أي: متقدمًا، قال الله تعالى: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ}[الحديد: ١٣] أي: متأخرين. والحرف مثل: وقف زيد في الدار، أي مستقرَّا. قال الله تعالى: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ}[هود ٢٨] أي سالمًا، والمصدر - كما قدمنا - نحو قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ٢٢}[الفجر].
  والجملة إذا كان معها الواو نحو قولك: جاء زيد ويده على رأسه، أي: رافعًا يده، قال الله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ٩٥] أي: محرمين والذي يفرق به بين همزة الواو أعني واو الحال، وبين سائر الواوات أنه يحسن تقديرها بإذ، لأن إذ ظرف، والحال مشبهة بالظرف ألا ترى أنك تقول: جاء زيد إذ يده على رأسه، ولا تقتلوا الصيد إذ أنتم حُرُم، فيؤدي معنى الكلام الأول، وغير هذه الواو لا يتقدر هذا التقدير فافهم ذلك، وبالله التوفيق.
باب التمييز
  وفيه خمسة أسئلة ما هو في نفسه؟ وكم شرائطه؟ وعلى كم ينقسم التمييز؟ وبعد كم يكون التمييز؟ وما أحكامه؟
  فصل: أما ما التمييز؟ فهو التفسير والتبيين. وسواء أقلت تمييز، أم تبيين، أم تفسير ألا ترى أنك إذا قلت: عندي أحد عشر كان الكلام جملة مبهمة يجوز أن تخصصها بأي جنس شئت فإذا قلت رجلاً أو ثوبًا كان تفصيلاً لجملة، وتبيينا لمبهمة وتمييزا لجنس ما عددت دون غيره.
  فصل وشرائطه خمس أن يكون نكرة مفردة جنسًا غالبًا يُسأل عنه بِمَه ويُجاب عنه بمن خلافًا للحال، أما كونه نكرة فلأنه مشبه بالخبر من حيث كانت تقع به الفائدة، وأمَّا كونه مفردًا فلأنه موضوع للاختصار، فصار كالمثل لا يجوز تغيره إلى إضافة تعرفه، ولا تثنية ولا جمع غالبًا. وإن كان مُفسرًا لجماعة تقول: كفى الله