كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الأفعال المتعدية

صفحة 110 - الجزء 1

  تمييزًا مثل حبذا زيد رجلاً، وحبذا هند، امرأة، ويجوز توسيط التمييز؛ مثل: حبذا رجلاً زيد، فإن قربت النكرة من المعرفة أجاز بعضهم رفعها: فقال: حبذا رجلٌ، لقيني، قال جميل بن زياد: (بسيط)

  وحبذا حين تمسي الريح باردة ... وادي أشي وفتان به هـ هُضُمُ⁣(⁣١)

  فانظر كيف رفع فتيانًا لما نعته بهضم. ولا يجوز تقديمه على حبذا، نحو: رجلاً حبذا زيد؛ لأن حبذا ناصب للتمييز وهو غير منصرف. وإن كانت النكرة مشتقة كان حالاً مثل حبذا زيد راكبًا، وحبذا راكبًا زيد، ولا يجوز راكبًا حبذا زيد. ويجوز دخول حرف الجر على التمييز بعدها فيكون في اللفظ مجرورًا وهو في المعنى منصوب، مثل: حبذا زيد من رجل، قال جرير بن عطية:

  يا حبذا جبل الريان من جبل ... وحبَّذا ساكن الريان من كانا⁣(⁣٢)

  وتدخل حبذا على كل المعارف والنكرات خلافًا لنعم وبئس تقول: حبذا زيد، وحبذا أنت، وحبذا هند، وحبذا الرجل، وحبذا غُلامه، وحبذا راكبًا زيد، وحبذا رجُلاً زيد. وهذه أحكام نعم وبئس وحبذا، فأما لبئس وعسى فقد. تقدم شرحهما ولفعل التعجب باب يأتي إن شاء الله. فافهم ذلك.

باب الأفعال المتعدية

  وفيه أربعة أسئلة ما الفعل المتعدي؟ ولم سُمي مُتعديا؟ وعلى كم ينقسم؟ وما أحكامه؟

  فصل: أما ما المتعدي؟ فهو كل فعل فيه دليل على مفعول، وربما دلّ على مفعولين، وثلاثة، مثل: ضَرَبَ، وأعطى، وأعلم، ألا ترى أن ضرب يدلُّ على ضارب، ومضروب، وأعطى يدل على مُعط، ومُعطى، ومعطي إياه. وأعلم يدل على معلم، ومُعلَم، ومُعلم بِهِ، ومُعلَم مِن أجله، ومثال ذلك: ضرب زيد عمرا، وأعطى


(١) البيت لزياد بن جميل انظر شرح المفصل: ٧/ ١٣٩.

(٢) البيت في ديوانه: ٤٩٣.