كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الحرف

صفحة 28 - الجزء 1

  من الموصولات، لأن الموصول يدلُّ على معنى في الصلة، وكلُّ واحد منهما غير الآخر، ولا يقترنان بالأزمنة، وهذا شبه عظيم للحرف ولذلك بنيت النواقص والمعنى الذي يدل عليه الحرف إيجاب أو نفي.

  فصل: وسُمّي حرفًا لضعفه، وضعُفَ من حيث كان معناه في غيره. فشُبّه بحرف الشيء الذي هو طرفه لاعتماد الطرف على غيره، ولأن الحرف تنزل منزلة الجزء من الكلمة، هذا إن أخذته هذا المعنى وإن أخذته من حيث ضعف ولم يأتلف منه كلام تام فهو مشبه بالناقة الضعيفة التي ضعفت عن الحمل والامتهان، واسم تلك الناقة حرف، قال طرفة⁣(⁣١): (طويل)

  وحرف كألواح الأران نسأتها ... على لاحب كأنه ظهر برجدِ

  فصل: وعلامات تعريه عن علامات (الاسم) (والفعل) فلذلك تقول كل ما تعرى عن علامات الأسماء والأفعال فهو حرفٌ، وليس كل حرف يتعرى عن علامات الأسماء والأفعال وذلك مثل: إنَّ، وأنَّ، ولكنَّ، وكأنَّ، وليت، ولعل. فإن هذه أشبهت الأفعال من جهة اللفظ والمعنى. أما اللفظ فإنها ثلاثية ورباعية مبنية الأواخر على الفتح ويتصل بها الضمير المنصوب، وأما المعنى فإنها تدل على التمني والترجي والتشبيه والاستدراك. وهي مصادر، وكل ذلك موجود في الفعل وأيضًا فإن أنَّ المفتوحة تكون فاعلة ومفعولة، ويدخل عليها حرف الجر وكذلك إن الخفيفة وعن ومع ومذ، ومنذ وكاف التشبيه. وعن وعلى تكون حروفًا وتكون أسماء إذا دخلت عليها العوامل. وعلى تكون حرفًا واسمًا إذا دخلت عليها العوامل، وعلى تكون حرفًا واسمًا وفعلاً، وحاش وخلا يعتقدهما المبرد⁣(⁣٢) فعلين، ويعتقدهما سيبويه حرفين.


(١) طرفة: هو طَرفةَ بن العبد سفيان مات أبوه وهو صغير وكان أحدث الشعراء سنا وأقلهم عمرا، قتل وهو ابن عشرين سنة، انظر: شرح المعلقات للزوزني ص ٥٦.

(٢) المبرد: شيخ النحو والعربية، انتهى إليه علما أبي عمرو الجرمي، وأبي عثمان المزني، كان فصيحا بليغا، وهو من ثمالة قبيلة من الأزد، توفي سنة خمس وثمانين ومائتين.