مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الدليل الصغير

صفحة 126 - الجزء 1

  ولعل السائل عند ذلك يقول: وما دليلك على أن الحركة والسكون محدثان⁣(⁣١)؟

  فيقال⁣(⁣٢) له: الدليل على ذلك أن الحركة لو كانت قديمة كان الجسم الدهر متحركاً لا يسكن، فلما وجدناه ساكناً مرة ومتحركاً مرة علمنا أن حركته وسكونه محدثان؛ فلما كانت الحركة والسكون محدثين والجسم غير منفك منهما ثبت أن الجسم محدث؛ إذ كان لا ينفك من المحدث، وما لا جسم لا يقوم إلا بالجسم⁣(⁣٣)، فهو أحرى أن يكون محدثاً؛ إذ كان لا يقوم ولا يوجد إلا في المحدث.

  فإن قال عند ذلك: فإن كان العالم محدثاً فما دليلك أن له محدِثاً؟ ولعله أحدث نفسه دون أن يكون له محدث أحدثه؟

  قيل له: إنا لم نر صورة من الصور إلا من مصوِّر، ولا كتاباً إلا من كاتب، ولا بناء إلا من بان، ولم نجد الكتاب يكتب نفسه، ولا الصورة صورت نفسها⁣(⁣٤)، ولا البناء بنى نفسه، فعلمنا أن العالم إذ كان محدثاً أنه لم يحدث نفسه، وأن له محدثاً أحدثه، قياساً⁣(⁣٥) على ما شاهدنا؛ لأنا إنما نستدل بالشاهد على الغائب⁣(⁣٦)، فلما أن كان في⁣(⁣٧) الشاهد أن البناء لا يبني نفسه ولا الكتاب يكتب نفسه وأن⁣(⁣٨) لهما كاتباً وبانياً علمنا أن المحدَث لا يحدث نفسه، وأن له محدثاً أحدثه.


(١) في (١): وما دليلك على أن الحركة والسكون أنهما محدثان. وفي (أ): وما دليلك أن الحركة والسكون محدثان.

(٢) في (أ): قيل له.

(٣) في (١): بجسم.

(٤) في (١، ٢): ولا الصور صورت نفسها.

(٥) في (أ): فقسنا.

(٦) كذا في المخطوطات، ولعلها: لأنا إنما نستدل على الغائب بالشاهد.

(٧) «في» ساقطة من (١، ٢).

(٨) في (أ): ولهما كاتب.