مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الدليل الصغير

صفحة 128 - الجزء 1

  موجود في حال تركه⁣(⁣١) وبقولنا: «إنه تارك» أنه موجود معدوم في حال واحد، وهذا ما لا يتوهم⁣(⁣٢)؛ فلما لم يكن لترك فعل الإنسان لنفسه معنى وكان محالاً لما وصفنا استحال أن يفعل نفسه؛ لأن كل شيء يتوهم تركه غير موهوم فعله، وبذلك علمنا أن الأشياء لم⁣(⁣٣) تحدث أنفسها وأن محدثاً أحدثها غيرها.

  فإن قال: فإذ زعمت أنها محدثة وأن غيرها أحدثها فما أنكرت أن يكون أحدثها اثنان؟

  قيل له: أنكرنا ذلك لأنهما لو كانا اثنين لكانا⁣(⁣٤) لا يعدوان منازل: إما أن يكون كل واحد منهما قادراً على فعل شيء⁣(⁣٥) يخفيه عن صاحبه، أو يكون كل واحد منهما غير قادر على إخفاء شيء من صاحبه، أو يكون أحدهما قادراً على فعل شيء يخفيه عن صاحبه والآخر غير قادر على ذلك منه؛ فالآخر عاجز، وإن كان كل واحد منهما قادراً على تجهيل صاحبه فذلك يدخلهما في صفة النقص وعلم الحدث وآثار الصنع؛ لأن الضعيف عاجز، والعاجز لا بد له من معجز يعجزه، وفي ذلك أيضاً إبطال قدمهما وإدخالهما في الحدث.

  وإن كان كل واحد منهما غير قادر على أن يخفي من صاحبه شيئاً فهما عاجزان جميعاً⁣(⁣٦)، والعجز يدل على حدثهما جميعاً؛ لأن العاجز لا بد له من معجز أعجزه أو محدث⁣(⁣٧) أحدثه، وفي ذلك إفساد إحداثهما للعالم؛ لأنهما محدثان⁣(⁣٨)، ولا بد


(١) بدل «تركه» في نخ: فعله، فهذا يوجب أنه موجود معدوم تركه.

(٢) في (٢): وهذا محال لا يتوهم.

(٣) في (أ): لا تحدث.

(٤) «لكانا» ساقط من (٢).

(٥) في نخ (٢): كل شيء.

(٦) «جميعاً» ساقط من (أ).

(٧) في (٢): ومحدث.

(٨) في (٢): فلا.