مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الدليل الصغير

صفحة 131 - الجزء 1

  قيل له: لا، من قبل أن هذه صفات الخلق وشواهد الحدث وعلم الجسم، وربنا تبارك وتعالى خلق الجسم وليس بجسم.

  فإن قال: وما أنكرت أن يكون جسماً؟

  قيل له⁣(⁣١): لأنا أنكرنا ذلك لأن كل جسم مصور محدود مركب، ولم نجد صورة إلا ولها مصور، ولا مركباً إلا وله مركب، فلما كان تبارك وتعالى هو المصور المركب لم يجز أن يكون مصوَّراً مركَّباً، ومن قبل أني لما كنت جسماً وكانت الأجسام لا يمكنني فعلها وإن قلت ولطفت كان غيري من الأجسام لا يقدر على خلقي وإن قل أو كثر.

  فإن قال: هل يعقل شيء ليس بجسم؟

  قيل له: إن أردت بقولك هل يعرف⁣(⁣٢) شيء ليس بجسم فنعم، من ذلك الحركة والسكون والعلم والجهل والحب والبغض وما أشبه ذلك، فقد يعرف ذلك بالدلالة وليست بأجسام، وكذلك الخالق للعالم يعرف بما ظهر من تدبيره وليس بجسم.

  وإن أردت بقولك: «هل يعقل شيء ليس بجسم» هل هو مصور في الأجسام شيء ليس بجسم؟ فلا، وربنا تبارك وتعالى لا جسم ولا مصور في الأوهام؛ لأنه لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا تحيط به الفكر ولا يقدره العقل.

  فإن قال قائل⁣(⁣٣): كيف أقررت بشيء هذه صفته؟

  قيل له: ما⁣(⁣٤) رأيت من الشواهد الظاهرة والدلائل الواضحة والأعلام


(١) في (أ): قيل لا.

(٢) في (أ): يعقل.

(٣) «قائل» ساقط من (أ).

(٤) في (أ): بما.