الدليل الصغير
  الغلبة والغفلة، والمنفيات غير الله تعالى من اللغات والآفات المختلفة والمنفي عنه الصفات المحدثة واحد ليس له نظير، وهو الله رب العالمين.
  فإن قال: فأخبرني ما أنكرت أن يكون علم الله غيره؟ أو قال: قدرته غيره، أو شيء من هذه الصفات؟
  قيل له: من قبل أن علمه لو كان غيره كان لا يعدو منزلتين: إما أن يكون قديماً لم يزل أو محدثاً حدث بعد إذ لم يكن؛ فإن كان قديماً لم يزل مع الله فما جعل [أن يكون](١) أحدهما أولى أن يكون إلهاً قبل الآخر، فكذلك قول أصحاب الاثنين، وإن كان علمه محدثاً كان قبل أن يحدثه غير عالم، وذلك يدخله في صفة الجاهل، فعلمنا عند ذلك(٢) أن علمه ليس غيره، وأنه عالم قادر بنفسه.
  [إن قال: علم الله هو الله أو غيره؟ أو قال: قدرة الله غير الله، أو قال: هي الله؟
  فالجواب في ذلك: أنه لا يقال: علم الله هو الله ولا غيره، ولا قدرة الله هي الله ولا غيره للعلة التي ذكرنا من قبل أن الذي يصح من قبل ذلك أن الله قادر عالم حي مدبر سميع بصير ولا يجوز غير ذلك](٣).
  فإن قال: علم الله غير قدرته أو علمه هو قدرته، أو قال: سمعه غير بصره، أو قال: سمعه هو بصره، أو نحو هذا من الكلام؟
  فالجواب في ذلك: أن كل ما سأل عنه محال لا معنى له؛ لأنا لا نضيف إلى الله علماً غيره به علم الأشياء ولا قدرة غيره بها قدر على الأشياء فنستجيز أن نقول: قدرته غير علمه أو قدرته هي علمه، إنما معنى قولنا: إن لله قدرة أنه قادر، ومعنى قولنا: إن لله علماً أنه عالم لا غير ذلك.
  فإن قال: فتقولون: لم يزل عالماً وقادراً وسميعاً وبصيراً وحياً ومالكاً ورباً؟
(١) ما بين المعقوفين غير موجود في نخ.
(٢) في نخ: بذلك.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).