مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الدليل الصغير

صفحة 136 - الجزء 1

  لذلك، فهو قادر على الشيء وإن لم يكن، ومالك له وإن كان معدوماً، ألا ترى إلى⁣(⁣١) قوله: {مَالِكِ يَوْمِ اِلدِّينِ} ويوم الدين لم يكن، وكذلك هو عالم بما يكون وإن لم يكن، وعالم بما لا يكون أنه لا يكون.

  فإن قال: فإذا لم يكن فهناك شيء يعلمه؟

  قيل له: إذا لم يكن فهو شيء لم يكن يعلم أنه يكون أو لا يكون.

  فإن قال: وما لا يكون شيء فيعلمه؟

  قيل له: ما لا يكون لا يكون⁣(⁣٢) شيئاً موجوداً إلا أن يكون، وليس شيئاً موجوداً بل شيء معدوم⁣(⁣٣).

  فإن قال: فمتى قدر الله أن يخلق الخلق؟

  قيل له: هذا كلام فاسد لا معنى له؛ لأن «متى» وقت، وذلك يوجب أنه كان قادراً في وقت كذا، ووقت لم يكن قبله قادراً، وهذا محال؛ لأنه يقال: لم يزل قادراً قبل الوقت وقبل كل شيء.

  فإن قال: فمتى علم الله أنه يخلق الخلق؟

  قيل له: إن أردت بقولك: «متى يعلم» إرادته⁣(⁣٤) فهذا محال كإحالة ما تقدم؛ لأنه قد كان عالماً قبل الوقت، ولم يزل كذلك، وإن أردت بقولك: متى أراد أن يخلق الخلق ومتى علم أنه يخلق تريد أن تجعل متى وهو الوقت المعلوم الذي علم أو المراد - صح الكلام وجاز القول بأنه أراد في وقت كذا وكذا، وعلمه في زمان كذا وكذا، ونظير هذا ما أجاز الناس بينهم، فيقول الرجل للرجل: متى تريد أن آتيك؟ فيقول: نصف النهار، ويريد وقت الفعل دون وقت الإرادة؛ لأن الإرادة


(١) في (أ): ألا ترى أن قوله.

(٢) «لا يكون» ساقط من (أ).

(٣) في (أ): وليس شيء موجود شيء معدوم.

(٤) في (أ): وإرادة.