الدليل الصغير
  قد تقدمت وقت الفعل(١).
  فإن قال: فإذا قلت: إنه قادر عالم سميع بصير، فمعنى سميع هو معنى بصير؟
  فالجواب في ذلك: أن معنى سميع أن الأصوات لا تخفى عليه، وكذلك معنى قولنا: بصير أن الأشياء لا تخفى عليه، والموصوف بأنه سميع بصير واحد.
  فإن أردت بقولك: معنى يسمع هو معنى يبصر أن له سمعاً وبصراً غيره به يسمع ويبصر فلا، وإن أردت أن المعنى بأنه سميع بصير هو المعنى بأنه بصير فنعم.
  وكذلك إن قال: إن معنى يقدر يعلم أو غيره فالجواب في ذلك: أنه يحتمل معاني، فإن أراد بقوله: إن العلم والقدرة معنى غير الله فهذا كلام محال فاسد، وإن أراد بقوله: إن معنى يعلم هو معنى يقدر يريد أن الله الذي(٢) يعلم هو الذي يقدر فنعم.
  فأما قوله: معنى يقدر هو غير معنى يعلم فلا معنى له؛ لأن الذي يقدر ويعلم واحد فلا يقول: إنه غير نفسه؛ لأنا إذا قلنا: معنى يسمع غير معنى يبصر(٣) فكأنا قلنا: إن الذي يسمع غير نفسه، وإن قلنا(٤): إن العلم والقدرة غير العالم القادر لزمنا(٥) أن معنى قادر غير معنى عالم.
  فإن قال: فالعلم هو القدرة؟
  قيل له: ليس لله علم غيره إلا أن يريد أن العلم هو الله، فإن أردت ذلك قلنا لك: قد أصبت في معناك وأخطأت في لفظك وأتى منك خلاف ما قصدت إليه.
(١) في نخ (١، ٢): لأن وقت الإرادة قد تقدم وقت الفعل.
(٢) «الذي» ساقطة من (أ، ٢).
(٣) في نخ (١، ٢): معنى سميع غير معنى بصير.
(٤) في نخ (١، ٢): ولم نقل.
(٥) في نخ (١، ٢): والقادر فلزمنا.