مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الدليل الصغير

صفحة 146 - الجزء 1

  فكذلك نعلم أنها مخلوقة بما ظهر لنا من الدلائل وصح لنا⁣(⁣١) من الشواهد.

  فإن قال: فلم خلق الله الخلق؟

  قيل له: كلامك يحتمل وجهين: فإن أردت لم خلق الله الخلق كله تبتغي علة للخلق غير الخلق لما كان الخلق فهذا كلام محال لا معنى له من وجهين: أحدهما: أنك جمعت الخلق فلم تبق منه شيئاً ثم أخرجت منه العلة، وهي خلق؛ لأن العلة لا تكون قديمة.

  والوجه الثاني: الله تبارك وتعالى ليس خلق ما خلق أولى به من ترك خلق⁣(⁣٢) ذلك الخلق؛ لأنه حكيم بترك الخلق حكيم بخلق الخلق، داخل في صفة الحكمة خلق أو لم يخلق، فلذلك لم يكن لقول السائل: لم خلق الله الخلق كله معنى، وإنما يجوز ذلك على من كان حكيماً بالفعل خارجاً من الحكمة بالترك ممن كان⁣(⁣٣) شيء أولى به من شيء، وربنا يتعالى عن ذلك؛ لأنه لو كان خلق ما خلق أولى به من تركه أن لو لم يخلق تارك⁣(⁣٤) لما هو أولى به، ومن ترك ما هو أولى به كان خارجاً من صفة الحكمة، فلذلك لم نقل: إن خلق ما خلق أولى به من ترك خلق ما خلق؛ لأن⁣(⁣٥) قول القائل: لم خلق الله الخلق دون ألا يخلقهم لا معنى له⁣(⁣٦)، وقد سقطت المسألة في ذلك لو كان أولى به أن يخلق الخلق اليوم كان تركه لأن يخلق الخلق اليوم ترك لما هو أولى به؛ لأن خلقه الخلق اليوم وبعد اليوم وقبل اليوم معنى واحد.


(١) «لنا» ساقط من (أ).

(٢) في (أ): ما خلق.

(٣) في (١، ٢): من مكان.

(٤) كذا في المخطوطات، ولعلها: لكان لو لم يخلق تاركاً لما هو أولى به.

(٥) في نخ (١، ٢): لقول القائل.

(٦) في (أ): لذلك.