الرد على من زعم أن الله في السماء دون ما سواها
  وَأَرَى ٤٦}[طه]، وذهاب إبراهيم صلى الله عليه إلى ربه في الحالة التي ربه معه فيها، وإنما معناه في ذهابه إلى ربه توجهه إليه بعبادته، وتشاغله عمن سواه.
  وكذلك توجيه الملائكة بصعود أعمال العباد إلى الموضع من السماء الذي(١) تعبدت به، ولتصعد بأعمال العباد إليه، وإنما توجهت بتلك العبادة إلى الله، كما ذهب إبراهيم إلى ربه، بمعنى توجهه بعبادته إليه.
  ووجه آخر في الصعود، هو القبول لذلك؛ لأنك تقول: لا يصعد إلى الله هذا الكفر، ويقال: قد نسخت الملائكة أعمال الكافرين وصعدت بها إلى الله، وهو لا يقبلها، ولا تصعد إليه أعمالهم، بمعنى لا يقبلها، وكذلك قال الله ø: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: ١٠]، بمعنى إنما يقبل الله الكلام الطيب بالعمل الصالح.
  فإن لج السائل بالشغب فقال: أيصعد من الله إلى الله؟
  قيل له: لا، ولكن يصعد الكلم الطيب من المكان الذي لا يخلو منه الله إلى السماء التي فيها الله.
  والله على العرش استوى، وهو عنه غير غائب، وهو في السماوات العلى وفي الأرض، ولم تغب عنه نجوى، كذلك قال في كتابه: {ءَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ١٦}[الملك]، فأخبر أنه في السماء، وكذلك قال: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}[الزخرف: ٨٤]، وكذلك قال: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ}[الأنعام: ٣].
  و (في): لها معان تختلف في اللغة، ليس شيء في شيء إلا وهو لا يخلو من أحد هذه المعاني التي نحن ذاكروها إن شاء الله:
  إما أن يكون فيه بمعنى قول القائل: الناس في عامهم هذا مخصبون.
(١) في (أ، ب، ج): التي.