الرد على من أنكر أن يكون الله واحدا ليس بذي أبعاض
  وإحاطة - لم يجز الجواب فيه بنعم.
  فإن سأل السائل: ما الله تبارك وتعالى إذا قلتم: هو الواحد؟!
  قلنا: معنانا أن الله واحد أي: لا واحد سواه إلا وله شبيه، والله واحد ليس له شبيه، وهو يقيم الأشياء، وهو القائم بها، لا بغيره قامت الأشياء، وليس الله بذي أبعاض بعضها لبعض مؤيد ولا ممسك، بل الله واحد ليس سواه واحد في معناه، وليس واحد سوى الله إلا وقيامه بغيره؛ وذلك أن الحركة لا تقوم في وقتها إلا بمتحرك، كذلك اللون لا يقوم إلا بِمُلَوَّن، والطول لا يقوم إلا بمطوَّل؛ لأن ما ذكرنا كلها أجزاء، وإنما يقوِّم بعضها بعضاً، ولا يكون الجميع إلا باتصال الأبعاض، ولما كان على الجميع الأجزاء جاز أن يكون مع الجميع ثان، وجاز أن يقال: هذا كان غير هذا. كذلك لا يقوم شيء مما ذكرنا من الخلق إلا في زمان ومكان، والله القائم بنفسه، لا تجري عليه الأزمنة، ولا تحوية الأمكنة(١).
  واعلم أن العدد من الحساب أصله وجوب الغير، ولا يقع الغير إلا على اثنين فصاعداً، فإن كان الاثنان جنسين مختلفين جاز أن يقال: هذا غير هذا، فإن كانا مؤتلفين قيل: هذا وهذا واحد، وهذا واحد وهذا واحد، وكان كل واحد منهما غير الآخر.
  وقد يقال للمؤتلفين الذين هما واحد: إن أحدهما غير الآخر، كعملي غير عملك، وإذا كان عملهما دينا قيل: هذا وهذا واحد، وكل ما ذكرنا يحتمل التضعيف والزيادة ويحتمل التضعيف أضعافاً، وكل ما احتمل الزيادة لم يكمل أبداً، وقد يحتمل النقصان، وكل ما احتمل النقصان أمكن أن يبيد، وهو أبداً منقوص من صفة الكامل، والله واحد لا بهذا المعنى، ولكنه واحد في معناه
(١) في (ب): الأماكن.