مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الرد على من زعم أن الله تدركه الأبصار وتحيط به الأعين تعالى عن ذلك

صفحة 177 - الجزء 1

  منها: ما أريد به وجه الله من العمل الطيب والقول الحسن.

  ومعنى آخر في: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨] إلا هو، ومن أراد هذا المعنى قرأ وجهه مرفوعاً، وله سوى هذا⁣(⁣١) أيضاً من أراده قرأه مفتوحاً، والمعنى فيه: ثواب الله ø.

  وقال الله ø في كتابه: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}⁣[المائدة: ٦]، فمعنى هذا الوجه معنى واحد، وهو الوجه الذي في الناس، وذلك عن الله ø منفي.

  وقوله: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}⁣[البقرة: ١١٥]، دليل على أنه الله، لأن الشرقي والغربي والذي بين المشرق والمغرب لا تكون جهتهم جميعاً تلقاء وجه الله، لأن وجهه: الذي هم مقابلون دون ما سواه، فيبطل قولهم في تأويلهم: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، وزعموا أن وجهتهم جميعاً تلقاء وجه الله، وبطل قولهم: (خلق آدم على صورة⁣(⁣٢) وجه الله)، لأن الصورة وجه، وهي لا تواجه إلا ما كان تلقاءها.

  ومما يبطل به قولهم في زعمهم: إن الله على العرش دون ما سواه، وأن الملائكة يسبحون من حول العرش، فقد أحاط المسبحون بالمسبَّح؛ إذ هم حوله، ولا يكون توجيههم تسبيحهم تلقاء وجه الله. وإن قالوا: إن جهتهم جميعاً وإن الله هو أينما تولوا رجعوا إلى التوحيد الأول.

الرد على من زعم أن الله تدركه الأبصار وتحيط به الأعين تعالى عن ذلك

  الحمد الله الذي يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار، وهو الواحد المتكبر العزيز القهار، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، زعم قوم من أهل الجهل أن العباد غداً يعاينون ربهم جهرة، ينظرون إليه كما ينظر بعضهم بعضاً، محاطاً به محدوداً، وتأولوا قول الله ø: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}⁣[القيامة]، وقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى


(١) في (أ، ب): وله شواهد أيضاً.

(٢) في المخطوطات: على تؤدة وجه الله.