مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الرد على من زعم أن الله تدركه الأبصار وتحيط به الأعين تعالى عن ذلك

صفحة 184 - الجزء 1

  وبمعان⁣(⁣١) ذكر الله ø في كتابه، وكيف صنع الله ببني إسرائيل والنبيين، ولم ينجهم من الله إلا النقلة عن صغائرهم والاستغفار بالإنابة والندم، وقد سأل قوم موسى فقالوا: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ}⁣[النساء: ١٥٣]، ليكون في ذلك مزدجر للآخرين، وليحذروا مصارع الذين سألوا رؤية الله جهرة فأخذتهم الصاعقة، فزجر الله العباد عن السؤال عما يضاهي ما سأل القوم نبيهم صلى الله عليه من رؤية الله جهرة.

  فكيف يتوهم أن يكون موسى سأل ربه مسألة القوم الذين أخذوا بالنقم من أجل تلك المسألة التي سألوا موسى أن يريهم الله جهرة؟ وقد علم موسى أن سؤالهم عن ذلك شرك، وقد نهى موسى قومه عن معاني الشرك كلها، ولم يكن صلى الله عليه ليخالفهم إلى ما نهاهم عنه؛ لأن مسألة القوم له كفر، ولا يجوز أن يتوهم على موسى أن يسأل الله مسألة هي كفر، ولو كانت مسألة موسى على ما يتوهم المشبهون لنزلت به من الله العقوبة مثل ما نزل بغيره، ولغلظ الله ذلك تغليظاً يعلم العباد أنه أكبر من الصغائر، وفي تكفير الله ø الذين قالوا: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}⁣[النساء: ١٥٣]، إخراج مسألة موسى عن⁣(⁣٢) معنى رؤية الجهرة، وإخراجه من جهل القوم بالله.

  ويقال لهم: هل يدرك البصر إلا شخصاً أو لوناً؟

  فإن قالوا: لا.

  قيل لهم: أخبرونا عن ربكم، أتقولون: إنه لون؟

  فإن قالوا: نعم.

  قيل لهم: فمن أين قلتم ذلك وما بينتكم عليه؟ ولن تجدوا سبيلاً إلى إثبات اللون إلا من وجه الرواية، فيعارضون بأضداد رواياتهم، فإن جعلوا الرواية


(١) في مخطوطتين: وبمعاني ما ذكر الله.

(٢) في (ب): من.