صفة العرش والكرسي وتفسيرهما
  قال سبحانه في ذلك بياناً ودليلاً على أن لا يكون شيء من الأشياء كلها له شبيهاً ولا مثيلاً.
  وفيما من ذلك أبانه ما يقول سبحانه: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ٢٢ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ٢٣ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٢٤}[الحشر]، فدل سبحانه على نفسه بأنه هو، وأنه لا نظير له ولا كفو.
  وكذلك قال من رسله كل من قد عرفه عندما سئل عنه فوصفه، أو دلَّ مَن جَهِلَه عليه ليعرفه، فقال إبراهيم # خليلُه لمن كان من قومه يجهله، ولمن كان يلحد فيه ويجادله: يا قوم {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ}[الأنعام: ٧٩]، وقال صلى الله عليه لقومه عندما مَنَّ الله عليه به من معرفته وعلمه: {قَالَ(١) أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ٧٥ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ٧٦ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ٧٧ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ٧٨ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ٧٩ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ٨٠ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ٨١ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ٨٢}[الشعراء].
  وكذلك قال نوح من قبله صلى الله عليه وعلى جميع رسله: يا قوم {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ١٣ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ١٤ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا ١٥ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ١٦ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ١٧ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ١٨ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا ١٩ لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا ٢٠}[نوح]. ومثل
(١) «قال» لا توجد في (أ).