مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

صفة العرش والكرسي وتفسيرهما

صفحة 262 - الجزء 1

  منهم وفيهم على أن لله يدا ذات بنان مصافحةً للمبايع رسوله⁣(⁣١) ÷.

  ولا يتوهم قوله سبحانه: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ}⁣[المنافقون: ٤] على ما يعرف من المقاتلة التي تكون بين المقتتلين عند المواثبة والمصاولة.

  ولا يتوهم قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}⁣[التوبة: ١١١]، ولا قوله: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ}، ولا ما جرى في الشراء والبيع من هذا ومثله على ما يعرف بين المتبايعين والمشترين والبائعين من معاني المبايعة والشراء والمساومة، وكيف يكون ذلك وما اشترى سبحانه منهم من أنفسهم وأموالهم فهو له تبارك وتعالى لا لهم؟ فهل يعرف أن مشرياً يشتري ما هو له إلا الله بكرمه ؟

  وكذلك لا يتوهم قوله سبحانه لنوح صلى الله عليه: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا}⁣[هود: ٣٧] ولا قوله: {خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}⁣[يس: ٧١] على أن لله تبارك وتعالى أعيناً ولا أيدياً كثيرة، ولا كما تعرف الأعين كبيرة ولا صغيرة، وأيدي ذوي الأيدي كلهم من الآدميين طويلة أو قصيرة، ولا يعرف الناس الأعين والأيدي إلا ما كان كثيراً، ولا أن شيئاً من الأيدي يكون أبداً إلا طويلاً أو قصيراً، ولا يعرف الناس أجمعون فيما رأوا ولا فيما يصفون أن شيئاً من ذلك يكون أبداً إلا كذلك، ولكنها أمثال مثَّلها تبارك وتعالى لعباده بما يعرفون، ليس في شيء منها تشبيه لله بما يقول الجهلة بالله ويصفون.

  والإحفاف يا بني فهو الإحاطة، والإحاطة فهي الإحداق والإدارة، وفي إحاطة الله بالأشياء كلها من أواخر الأشياء وأوائلها ما يقول سبحانه: {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ٥٤}⁣[فصلت]، {وَاللَّهُ مِنْ وَرَاءِهِمْ مُحِيطٌ ٢٠}⁣[البروج]. والمحيط من الأشياء بما يحيط به فهو المحِفُّ المحدق بجميعه، المدير بكل ناحية


(١) في (أ): رسول الله.