مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أدلة أخرى على وجوب الإمامة]

صفحة 281 - الجزء 1

  أما الأولى منها: فطبقة التربية. والثانية: فطبقة اعتمال الأغذية. والثالثة: فاكتساب الحسنة والسيئة.

  فهم في أولى طبقاتهم مكتفون بالآباء، وفي الثانية مستغنون عنهم بالاكتفاء، مؤدبون على المعرفة بحد الأغذية والبذور، والفرق بين الضار والنافع فيها من الأمور، والثالثة فمحتاجون ما كانوا فيها وعند أول مصيرهم إليها إلى مرشد ودليل، ذي عقاب وتنكيل؛ ليكون ما أريد بهم من البقاء، وخلقوا له من عمارة الدنيا، وذلك عند بلوغ قوة الاحتلام، وحركة شهوة ملامسة الإلمام، لما بني عليه الناس من شهوة النساء، لما في ذلك من زيادة النسل والنماء.

  وكل ذلك من اعتمال الأغذية، وما خُصَّ به الإنسان من الشهوة في البنية، فلا بد فيه وفي الدلالة عليه من مرشد معرِّف، ومُحدِّدٍ مُوَقِّف؛ لأنه لو ترك الناس في الغذاء وما رُكِّبوا عليه من شهوة النساء بغير حد معروف، ولا فرضِ عزمٍ موصوف - لم يكن أحد بمعتمله وما ملَّكه الله من أهله أولى عند المكابرة من أحد، إذاً⁣(⁣١) لما فُرِّق بين سيِّدٍ وعبد، ولو كان ذلك كذلك لصير به إلى الفناء والمهالك، ولما أنسل ولا اغتذى ضعيف مع قوي، ولا سلم رشيد من الخلق مع غوي، ولبطلت الأشياء وفسدت الدنيا، ولكنه جل ثناؤه وتباركت بقدسه أسماؤه جعل للناس في البَدِيِّ والداً، وحد لهم به في الأشياء حداً، أدَّبهم جميعاً عليه، ونهاهم عن المخالفة له فيه.

  ثم جعل للمتأدبين فيه بأدبه ثواباً، وعلى المخالفين إلى ما نهاهم عنه عقاباً، فكان كل إنسان أولى بمعتمله، وأحق بما ملكه الله من أهله، ولو تُرِكوا فيه بغير إبانة دليل، أو كانوا خُلُّوا في خلافٍ له من التنكيل - لوثب بعضهم فيه على بعض، ولفني أكثر من في الأرض؛ لما يقع في ذلك من الحروب، واغتصاب


(١) في (أ): «ولما» بدون إذاً.