مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الإمامة

صفحة 306 - الجزء 1

  وكذلك قول الله تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}⁣[البقرة: ١٨٤].

  يقال لهم عند ذلك: ما تقولون في الإمامة أهي من دين الله أم من غير دين الله؟

  فإن قالوا: ليست من دين الله لزمهم في إجماع من أجمع على إمامة أبي بكر أنهم لم يكونوا على دين الله.

  وإن قالوا: الإمامة من دين الله، قيل لهم: من أيِّ دين الله؟ من الفرائض أم من السنن أم من التطوع؟ فقد زعمتم أن الدين لا يخلو من أحد هذه الثلاثة الوجوه.

  فإن قالوا: من الفرائض قيل لهم: كيف فرض رسول الله ÷ الإمامة لأبي بكرٍ، سماه لكم رسول الله ÷ باسمه وعينه، أو دلَّ عليه بصفته، أو تركها شورى، أو سكت فلم يقل من ذلك شيئاً؟ ولا بد من إحدى هذه الخصال ولا خامسة معهنَّ.

  فإن قالوا: إن رسول الله ÷ نص لنا أبا بكر بعينه واسمه ونسبه.

  قيل لهم: فما بالهم وقفوا عنه ثلاثة أيام يشاورون فيه وقد سماه رسول الله باسمه ونصبه بعينه؟ وما بال أبي بكر قال لهم: أنا أرضى لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أحدهما: أبا عبيدة بن الجراح أو عمر بن الخطاب؟ فقال أبو عبيدة وعمر: لسنا نفعل، ولا نبايع أحداً إلا أنت، ابسط يدك حتى نبايعك، فبسط يده فبايعاه. فسماه رسول الله ÷ باسمه ونصبه بعينه وهو يقول: بايعوا أبا عبيدة أو عمر؟! هذا خلاف ما فرض الله عليهم، أن يكون رسول الله سماه وهم يتشاورون فيه، وهو أيضاً يسمي لهم وينص على من لم يُسَمِّه رسول الله ولم يرضه لهم! ولا يجوز في فريضة الله خلاف ما فرض. مع أنهم إن كانوا تركوا قول النبي ÷ لشكٍ منهم في قوله كفروا، وإن كان لخلاف منهم فقد عاندوا رسول الله ÷، ومن عاند رسول الله فقد كفر.