مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الإمامة

صفحة 309 - الجزء 1

  قيل لهم: كيف جاز لعُمر في فريضة الإمامة أن رسول الله ÷ نصَّ أبا بكرٍ، وأن أبا بكر نص عمُرَ، وأن عمر خالفهما جميعاً فجعلها شورى بين ستة؟ فهذا خلاف فريضة الله ورسوله، وعمل بخلاف ما فعلاه.

  وإن قالوا: إن ذلك جائزٌ في الإمامة ولا يجوز في غيرها - نقضوا قولهم في أول المسألة: إنه لا تُغيَّر فرائض الله، وصاروا إلى أن فرائض الله يجوز تغييرها، ويلزمهم في ذلك إن جاز في بعضها جاز في كلها، حتى لا يبقى دينٌ إلا غُيِّر، وهذا فاسدٌ منكسرٌ على من قال بهذه المقالة في فرض الإمامة أنه نص أبا بكر.

  ويسأل الذين قالوا: فرض الإمامة شورى بين المسلمين، ما تقولون، كيف فَرْضُ الإمامة من رسول الله ÷؟

  فإن قالوا: جعلها شورى بين المسلمين قيل لهم: وما الدليل على ذلك؟

  فإن قالوا: قول الله تبارك وتعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}⁣[الشورى: ٣٨]، فلذلك فعلوا في أبي بكر ما فعلوا، حيث أقاموا ثلاثة أيامٍ يتشاورون فيه حتى أقاموا أفضلهم، يقال لهم: فهل يجوز لأحد أن يُحَوِّل هذه الفريضة فيجعلها على خلاف ما فرضها رسولُ الله ÷؟

  فإن قالوا: نعم، نقضوا قولهم، وفارقوا الإجماع في أنه لا تُحَوَّل فرائض الله، ولو جاز ذلك لجاز أن يجعل الظهر خمساً والعصر ستاً والمغرب ركعتين، وكذلك جميع الفرائض. وهذا نقضٌ لدين محمد #.

  وإن قالوا: لا يجوز في الإمامة تغييرٌ ولا خلاف لقول رسول الله ÷ قيل لهم: فما بال أبي بكر لم يجعلها شورى بين المسلمين كما جعلها النبي #؟

  فإن قالوا: لأن خلاف أبي بكر صوابٌ قيل لهم: وكذلك خلاف عمر صوابٌ، وكل من يأتي بعدهما إلى يوم القيامة يخالفون رسول الله وأبا بكر وعمر