الإمامة
  الإمامة اقتديا به أم لم يقتديا به؟
  فإن قالوا: لا، بل اقتديا به خالفوا أن تكون الشورى بين المسلمين مثل الشورى بين ستة، وأن تسمية أبي بكر لعمر وحده هي شورى بين المسلمين، وهذا المحال من الكلام.
  وإن قالوا: لم يقتديا بالنبي، ولو اقتديا به كان خيراً لهما قيل لهم: أفيجوز لهما ما فعلا أم لا يجوز؟
  فإن قالوا: نعم، هذا جائز لهما قيل لهم: أفصوابٌ ذلك أم خطأ؟
  فإن قالوا: بل خطأ لزمهم أنه يجوز أن يُخَالف رسول الله ÷.
  وإن زعموا أنه صوابٌ فقد زعموا أن خلاف النبي # صوابٌ. وهذا ما لا يقول به أحدٌ من المصلين. وزعموا أن أبا بكر وعمر جائزٌ لهما أن لا يقتديا برسول الله ÷، وهذا شر ما أضيف إليهما، تركُ الاقتداء بالنبي ÷.
  وقال بعضهم: إذا كانت الشورى بين المسلمين فليس بمتناقض، إنما هو ما رأى المسلمون، إذا أجمعوا(١) على أن يُصيروا رجلاً بعينه أو أن يجعلوه بين ستةٍ فهو ما فعلوا، فلهم ذلك، وليس في هذه الفريضة تناقض، إنما كان الأمر شورى.
  فيقال لهم: الشورى من الجميع أم من بعض؟
  فإن قالوا: من الجميع. قيل لهم: فكيف جعل أبو بكر عمرَ بغير شورى بين المسلمين؟ وقد وجدناهم يقولون: ننشدك الله أن تستعمل علينا عمرَ، فإنه فظٌّ غليظ.
  فقال: أتخوفونني بالله، أقيموني، فلما أقاموه قال: اللهم إني إذا لقيتك قلت: استعملت عليهم خيرَ خلقك. والدليل على أنها لم تكن شورى أنه ساعة مات أبو بكر كان الخليفة من بعده عمر، وقد أجمع الناس على هذا، وقد أقاموا بعد
(١) في نسخة: اجتمعوا.