الإمامة
  رسول الله ثلاثة أيام يشاورون في أبي بكر، إلا أن يكون عمر بَانَ من الفضل بما لم يكن بَانَ به أبو بكر عند النبي ÷، فإذا انكسر هذا لم يكن يجوز لأبي بكر أن يقدم عمر إلا بشورى، ولا يجوز له ذلك دون المسلمين جميعاً.
  وكذلك أيضاً يلزمهم في ستة دون المسلمين، فيلزمهم إن كانت إصابة الإمامة لا تكون إلا بالشورى من الجميع أن الذي فعل أبو بكرٍ خطأ، وأن الذي فعل عمر خطأ، وإن كانت الشورى بين ستة كما فعل عمر فقد أخطأ أبو بكر، وإن كانت كما فعل النبي ÷ فقد أخطئا جميعاً.
  ويسأل الذين زعموا أن فريضة الإمامة من رسول الله ÷ لأبي بكر بالصفة والدلالة، وأنهم إنما أقاموا أبا بكر بتلك الدلالة، مثل قول النبي صلى الله عليه: «صل بالناس»، ومثل يوم بدر أقعده معه في العريش، وكان مجلسه عن يمين رسول الله #، وقالوا: بهذه الصفات اختاروا أبا بكر.
  قيل لهم: فما بال أبي بكر لم يدل على عمر بالصفة - حيث سماه لهم باسمه ونصبه بعينه وأقامه بعده - كما دلَّ رسول الله ÷ على أبي بكر؟ ولا يجدون إلى دفع ذلك سبيلاً. وهذا خلاف لرسول الله ÷؛ يفرض فريضة بالدلالة ويجعلها أبو بكر بالنص، وكذلك عمر أيضاً جعلها شورى.
  وهذا ما لا يجوز أن يحوّل فريضة من فرائض الله عن جهتها، وإن جاز أن يُخالف رسول الله ÷ في فريضة واحدة جاز أن يخالف في جميع الفرائض، حتى تبطل جميع فرائض الله وتحدث فرائض أخرى.
  وإن قالوا: لا يجوز هذا إلا في فريضة الإمامة سئلوا الدليل على ذلك؟
  وكذلك أيضاً إن قالوا: إن الإمامة سنةٌ على مثل قياس الفريضة، فإن جوزوا تبديل سنن الله وسنن رسوله ÷ مثل صلاة الوتر بالنهار، وزكاة الفطر في الأضحى، وصلاة العصر في وقت المغرب، وصلاة الصبح في وقت العتمة، حتى تبطل جميع سنن الله.