مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الإمامة

صفحة 315 - الجزء 1

  فإن قالوا: بينوا لنا وجه الفريضة؟

  قيل لهم: الوجه على مثال قياس الفرائض كلها يأتي الخبر من الله فيأمر نبيه # أن ينص رجلاً بعينه من موضع معروف، ولا يكون ذلك الموضع إلا وهم به عارفون في النسب والتقى؛ ليكون موضع القنوع، حتى لا يقول أحدٌ: أنا أولى، كما لم يجز لأحد أن يدعي أنا أولى بالرسالة من الموضع الذي بعث الله منه نبيه.

  وكذلك الإمامة في أرفع المواضع، وهو معدنُ الرسالة؛ لقطع الحجة.

  والدليل على ما قلنا: أن الإمامة إذا خرجت من أرفع المواضع وأقربها إلى رسول الله ÷ ادعت كل فرقة من الأمة الإمامة، ووقع الاختلاف، وفي الاختلاف إبطال الدين.

  فإن قالوا: إنك ادعيت أن الإمامة بخبر من رسول الله ÷ أن ينص رجلاً بعينه، فإذا قبض النبي انقطع الخبر عن النبي ÷، فقد تغيرت الفريضة عن جهتها؟

  قيل لهم: من هاهنا غَلِطتُّم، إن الفرائض كلها على مثل ما أخبرناكم، تنزل الآية في الشيء بعينه، حتى تُؤدى تلك الفريضة في كل زمان على مثل الخبر الذي أنزل الله في الشيء بعينه، حتى تؤدى تلك الفريضة على تلك الجهة، وإن عِبْنَا على من قال بخلافنا أنهم غيروا الفريضة عن جهتها، فجعلوها مرةً نصاً في رجل بعينه، ومرةً شورى، ومرةً بين ستةٍ. وإنا قلنا نحن: لا تكون إلا على هيئة واحدة، ألا ترى أن صلاة الظهر نزلت في يوم من الأيام جمعةً أو سبتاً أو أحداً أو غير ذلك من الأيام مسمىً باسمٍ، ثم هي في الأيام كلها على هيئة واحدة لا تُغيَّر.

  وكذلك قلنا في رجل بعينه في ذلك الزمان، ثم في كل زمانٍ في رجل واحد، ولو كانت الأسماء مختلفة والقرابة والتقى والفضل واحدٌ، فهذا قياس ما قلنا، فافهموا مغاليط أهل الخلاف. وكذلك على الناس أن يؤدوا جميع الفرائض على مثل هذا القياس. وكذلك الإمامة في أبرِّ الخلق وأتقاهم، وأن يؤدوا هذه