مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[تأكيد الله لأمر المهاجرة وتشديده لفريضته فيها]

صفحة 381 - الجزء 1

  أثبتها قديمة⁣(⁣١) لم تزل تحدث فيها، وإذا كان هذا هكذا فهي لم تسبق الحدث، فقد صار الحدث قديما، لأنه صفة الجسم الذي هو قديم، وإذا كانت صفته استحال أن تكون صفة القديم التي⁣(⁣٢) لا يخلو منها ولا يزول عنها محدثة، وهذا محال بين الإحالة، لأن فيه تثبيت المحدث قديما، والقديم محدثا.

  قال الملحد: فما أنكرت أن تكون الأعيان هي التي فعلت الأحوال؟

  قال القاسم #: بمثل ما أنكرت زيادتك الأولى؛ لأنه لا فرق بين أن تكون هي الفاعلة وهي لم تسبق فعلها أو تكون هي قديمة ولم تسبق صفاتها؛ لأن الفاعل سابق لفعله متقدم له، وكذلك القديم الذي لم يزل، سابق للذي لم يكن، لأن في إثبات الفعل له إثبات حدث فعله، وإذا لم يسبق فعله فقد جمعت بينهما في حال واحد، وثبت للشيء الواحد القدم والحدث في حالة واحدة، وهذا محال بين الإحالة.

  قال الملحد: فإني لم أر كون شيء إلا من شيء، فما أنكرت أن تكون الأشياء لم تزل يتكون بعضها من بعض؟ وما أنكرت أن يكون الشيء الذي هو الأصل قديما؟

  قال القاسم #: أنكرت ذلك أشد الإنكار، وذلك أن الشيء الذي هو الأصل لا يخلو من أن يكون فيه من الأحوال والهيئات والصفات مثل ما في فرعه أو ليس كذلك، فإن كان فيه مثل ما في فرعه فحكمه في الحدوث كحكمه، وقد تقدم الكلام في هذا المعنى بما فيه كفاية، على أنا نجد الصور والألوان والهيئات والصفات بعد أن لا نجدها فيه، ووجود الشيء بعد عدمه هو أدل الدلالة على حدثه، فحدثني عن الصورة من أي أصل حدثت؟ فإن قلت: إنها قديمة أحلت، وذلك أنها لا تخلو من أمور:


(١) في (أ، ب): قديماً.

(٢) في (ب): الذي.