مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[تأكيد الله لأمر المهاجرة وتشديده لفريضته فيها]

صفحة 382 - الجزء 1

  أحدها: أن الصورة لو كانت قديمة لكانت في هذا المصور الذي ظهرت فيه الصورة أو في عنصره الذي تسمونه هيولى، فإن كانت في هذا المصور بان فساد قولكم ودعواكم، إذ قد نجده على خلاف هذه الصورة، وإن كانت في الذي تسمونه هيولى فلا بد إذ ظهرت في هذا المصور أن تكون قد انتقلت عنه إلى هذا، فإن قلت: انتقلت أحلت؛ لأن الأعراض لا يجوز عليها الانتقال، على أن الصورة ما يرى بالعيان، فإن كانت منتقلة فما بالها خفيت عند الانتقال وظهرت عند اللبث؟

  وفيه خلة أخرى، وهي: أنها لو كانت في الأصل ثم انتقلت عنه إلى فرعها فقد جعلت لانتقالها غاية ونهاية، وإذا جعلت لها غاية ونهاية فقد صح حدث الذي انتقلت عنه هذه الأحوال.

  فإن قلت: لم تزل تنتقل كان الكلام عليك في هذا المعنى كالكلام الذي قدمناه آنفا في باب لم يزل يحدث.

  وفيه معنى آخر، وهو: أنك إذا جعلت الأشياء في وهمك شيئين، إذا أفردت كل واحد من صاحبه نقص وانتهى إلى حدٍّ مَّا وقل، وإذا جمعت كل واحد إلى صاحبه زاد وانتهى إلى حد ما وكثر، أفليس إذا انتهى في حال وزاد فكثر أو نقص فقل فالنقص والزيادة يخبران بالنهاية عنه؟ وإذا ثبتت فيه النهاية ثبت فيه الحدوث؟

  قال الملحد: ما أنكرت أن تكون صورة التمرة والشجرة كامنة في النواة، فلما وَجَدَتْ ما شاكلها ظهرت؟

  قال القاسم #: إن هذا يوجب التجاهل؛ وذلك أنا لو تتبعنا أجزاء النواة لم نجد فيها ما زعمت.

  وشيء آخر، وهو: أنه لو جاز هذا لجاز أن يكون الإنسان كامنة فيه صورة الخنزير والحمار والكلب، وإذا كان ذلك كذلك كان الإنسان إنسانا في الظاهر