[الحكمة في خلق العالم]
  قال الملحد: وكيف يكون حكيما من خلق خلقا فآلمه بأنواع الآلام وامتحنه بضروب من الامتحان؟ أخبرني(١) عن وجه الحكمة في ذلك من الشاهد؟
  قال القاسم #: أما قولك: كيف يكون حكيماً من خلق خلقاً فآلمه بأنواع الآلام؟ فوجه الحكمة في ذلك من الشاهد أنا وجدنا من الآلام في الشاهد ما هو داع إلى الإحسان، من ذلك: ضرب المؤدبين للصبيان، ومنه الحجامة والفصد وشرب الأدوية الكريهة؛ كل ذلك داعية إلى الإحسان وإلى شيء حسن في العقل، فإذا كان من الآلام في الشاهد ما هو كذلك فكل ما كونه(٢) من قبل الله ø - مثل الموت والمرض والعذاب وغيره - حكمة في الصنع، وصواب في التدبير؛ إذ كان كل ذلك داعية إلى الإحسان.
  قال الملحد: ما الدليل على أن ذلك داعية إلى الإحسان؟
  قال القاسم #: الدليل على ذلك أنها أفعال الحكيم(٣)، وقد صح أن الحكيم إنما يفعل هذه الأشياء التي هي الترغيب في السلامة والصحة والخير، والترهيب(٤) من الغم والشر والسقم، ومن رَغَّبَ في الخير فحكيم فيما نعرفه.
  وأما قولك: لم امتحن امتحانات عَطِبَ(٥) أكثرهم عندها؟
  فإنا نقول في ذلك ولا قوة إلا بالله: إن الله سبحانه إنما امتحانه وأمره ونهيه داعية له إلى الخير(٦)، فمن عطب(٧) فمن قبل نفسه عطب(٨)، لأنه لم يأتمر بما
(١) في (أ، ب): خبِّرني.
(٢) في (أ، ب): ما هو كونه.
(٣) في (أ): قال القاسم #: لأنه فعل الحكيم، والحكيم إنما يفعل.
(٤) في (أ): التي هي ترغيب في السلامة والصحة والخير والترهيب.
(٥) العطب: الهلاك. (مختار).
(٦) في (أ، ب): إلى الحكمة.
(٧) في (أ): فالمأمور من قبل نفسه عطب.
(٨) سقط من (ب): عطب.