مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أقوال ابن المقفع والرد عليها]

صفحة 437 - الجزء 1

  في اللسان، ويتوجه في فهم أهله بإمكان، وإن في ذلك لعلماً عند أهله مخزوناً، وإن فيه لله لغيباً مكنوناً، يدل على عجائب خفية، ويتجلى إذا كشف عنه تجلية مضية، وليس معنى {فَوْقَهُمْ} ما يذهب إليه الجهلة من الرقاب، ولا ما يتوهمون فيه من تشبيه رب الأرباب. والثمانية فقد يمكن فيها غير ما قال به الجهلة عليها.

  وأما قول الله لا شريك له: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ}⁣[الزمر: ٧٥] فقد يحتمل {حَافِّينَ} أن يكون مُكْبرين مجلِّين، ويحتمل أن يكونوا بأمره عاملين؛ لأن الإحفاف قد يحتمل ذلك في لسان العرب أبين الاحتمال؛ لأنهم قد يقولون: إن قوم فلان لمحفون به في الإجلال.

  فإن قال قائل: فما وجه قوله فيما ذكر من إحفافهم به من حوله؟ فقد يكونون حافين وإن كانوا من تحته، كما يقال: إنهم بفلان لحافون، وإن كان من علالي منازله بحيث لا يبصرون، فذلك كقوله⁣(⁣١) سبحانه فيما أرى، لا ما توهم في حَمَل وأحفَّ واستوى: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ١٦ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا}⁣[الحاقة]، فإذا انشقت السماء للفناء والبلاء تحوزت الملائكة لِشَقِّها⁣(⁣٢) إلى الأرجاء، وهي النواحي، فصارت حينئذٍ حافة حول العرش الباقي، والعرش فإنما هو السقف الأعلى، والأسفل ففناؤه قبل فناء الأعلى، فليعقل هذا من المعنى من أراد حقيقة ما عنى، وليعلم أن سقف أعلى⁣(⁣٣) ما فيه الملائكة⁣(⁣٤) من السماوات غير مسكون بشيء من البريات.


(١) في (أ): فذلك قوله فيما أرى فتعالى.

(٢) في (ب): من شقها.

(٣) في نسخة: أعلى سقف.

(٤) قوله #: «وليعلم أن سقف أعلى ما فيه الملائكة»: المعنى أن أعلى مكان تسكنه الملائكة له سقف خالٍ من السكان، ويسمى العرش.