مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أقوال ابن المقفع والرد عليها]

صفحة 438 - الجزء 1

  فإن قال قائل: أفيكون مكان غير مسكون؟ قيل: نعم سقف ما تناهى من بناء السماوات العلى؛ لأنه لا يكون سفل أبداً إلا بأعلى⁣(⁣١). فأما أن العرش هو السقف فموجود في اللسان، كثير ما يتكلم به بين العرب والعجمان.

  وقد يمكن أن يكون معنى: (الذين يحملونه) إنما يراد به الذين يلونه؛ إذ ليس بينهم وبينه شيء، فتعالى الله الملك العلي.

  وقد تقول العرب في المنزل تنزله والأمر تحمله: إنه ليحملنا، إذا كان عليهم واسعاً، وبمرافقه⁣(⁣٢) لهم ممتعاً، وليس يريدون حمله لهم بيد ولا عنق، أفما في اختلاف هذا ما وقف عن تشبيه الخالق بالخلق؟

  فأما الخداع والمكر والكيد بمن كان يمكر ويخدع ويكيد فقد نقوله عنه، ونصفه سبحانه منه؛ لأنه خير الماكرين، وذو الكيد المتين، وخادع من خادعه من الكافرين، وكل ذلك منه فليس كفعال الخاسرين، والمكر والخدع والكيد فإنما هو إخفاء ما يريد من ذلك الْمَرِيد، وما عند الله مما يريد بأعدائه فأخفى ما يحتال في إخفائه.

  وأما حربه فإنما هو حرب أوليائه عن أمره، فهذا وجه ما ذكر سبحانه من حربه وكيده ومكره الصحيح معناه، لا ما شدَّ⁣(⁣٣) به ابن المقفع جهله وكفره وعماه.

  وأما ما سمعه من الله سبحانه إذ يقول: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ


(١) قوله #: «لأنه لا يكون سفل أبداً إلا بأعلى»: هذا تعليل لوجود سقف غير مسكون؛ فأعلى مكان تسكنه الملائكة لا بد أن يكون له سقف، فالملائكة تسكن أسفل والسقف أعلى. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).

(٢) في (أ): أو بمرافقه.

(٣) في (أ): لا ما سد.