مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أقوال ابن المقفع والرد عليها]

صفحة 444 - الجزء 1

  وصانعُها مصنوعاً، ومصنوعُها صانعاً، وبديعُها مبتدَعاً، ومبتدَعُها بديعاً.

  وهذا من قول القائلين ومعمد جهل الجاهلين عين متناقض المحال، ونفس متدافع الأحوال، الذي لا يقوم له في الأوهام صورة، ولا من فطر معقولات الأقوال فطرة، وفي ذلك أن تكون الأشياء موجودة لا موجودة، ومفقودة في الحال التي وجدت فيها لا مفقودة، وصار المخلوق لا مخلوقاً، والخالق في قولهم لا خالقاً، فتعالى العلي الأعلى، الذي نهج إلى معرفته سبلاً ذللا - عما وصفه به المشبهون، وافترى في التشبيه به المفترون، ونحمده على ما عرفنا به من الفرق فيما بينه وبين جميع الخلق، ونعوذ به من جهل توحيده⁣(⁣١)، ونستعينه على ما ألهمنا من شكره وتمجيده، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليماً.

  وأما⁣(⁣٢) مذهبه في العاديات وعيبها لجهله بشاهدها وغائبها فغير مستنكر منه قاتله الله ولعنه، فقد تكون العاديات من العدوان والغي، وتكون العاديات من العدو والسعي، ثم لكل ما كان من ذلك وجوه شتى، يرى ما بينها من يعقل متفاوتاً. والضبح أيضاً فألوان مختلفة، وكل ما ذكر في السورة فله وجوه متصرفة، يعرفها من عرَّفه الله إياها، ويوجد علمها عند من جعله الله مجتباها، فليُقصر من عمي عنها في عماه، فإن العميَّ لا يعلم الظاهر ولا يراه، فكيف يعلم خفي ما بطن من الأسرار التي جعلها الله أفضل مواهبه للأبرار؟ أو لا⁣(⁣٣) فليسأل عنها، وليطلب ما خفي عليه منها عند ورثة الكتاب، الذين جعلهم الله معدن علم ما خفي فيه من الأسباب، فإنه يقول سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ


(١) في المطبوع: ونعوذ به من جهل ما جهل من توحيده.

(٢) في (أ): فأما.

(٣) علامَ عطف هذا؟ العطف على متوهم أي: إن كان يعلم فما باله يعيب ويطعن، أو لا يعلم فليسأل ... إلخ. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).