[أقوال ابن المقفع والرد عليها]
  وأما قوله في قوله الله سبحانه: {كُنْ فَيَكُونُ ١١٧}[البقرة]، وزعمه أنه لا يقال: كن إلا لما هو كون، فليس - ويله ويلاً يُكْثِر عَوْلَه - مذهبُنا في ذلك إلى ما توهم، ولا أنه سبحانه نطق أو تكلم، إنما ذلك للإخبار عن القوة منه والاقتدار، وأنه لا يفعل ما فعل بمباشرة، وأن سبيلَ فعلِه كلِّه سبيلُ قدرة، لا يعانى بكفين، ولا يستعان فيه بمعين.
  فأما قوله: لأن كون شيء لا من شيء لا يقوم في الوهم له مثال، وما لا يقوم في الوهم مثاله فمحال - فإنه يقال فيه لمن قال مقالَه، ورضي فيما قال منه حالَه: أتزعم يا هذا أن الأشياء قديمة، ليس لبعضها على بعض عندك تَقْدِمة(١)؟
  فمن قوله: نعم قد يثبت لكلها القدم.
  فيقال له: أليس إقرارُك لكلها بقدمها وإثباتُك للقدم في توهمها إقراراً بأنها لا من شيء، وأنها أولٌ بَدِي؟ والأول لا يكون أولاً إلا لغيره، ولا يثبت أولاً لتكريره، فأيهما أولى بالقيام في الوهم حدوث شيء لا من شيء متقدم أو شيء لا أول له يعلم ولا نهاية في آخره تُتوهم؟
  فإن قال: شيء لا أول له ولا نهاية أولى بالتوهم منه وِلايةً.
  قيل: فلا يكون هو أولاً(٢) إلا وهو متوهم(٣)، وإذا أَجَزْتَ في معنى(٤) «لم يزل» التوهمَ ثبتت به حينئذٍ الإحاطة، ولا يحاط إلا بما له نهاية محيطة، والنهاية
(١) شكلها في (أ): تقدُّمة.
(٢) في (أ): أولى.
(٣) ما معنى هذا الكلام؟ هذا على حسب قول ابن المقفع: إن ما لا يقوم في الوهم مثاله فمحال، وإذا أجاز ابن المقفع التوهم - الذي هو التصور - في معنى «لم يزل» ثبتت الإحاطة، ولا يحاط إلا بما له نهاية .... وما كان كذلك فليس بقديم. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).
(٤) في (أ): في معناه.