[القول بالولادة والمشابهة يستلزم إبطال الإلهية]
  عليه لما صح لهم - والحمد لله - أبداً منطق فيه.
  وبعدُ، فلا بد لمن أنصف خصماً في منازعته له ومجادلته من ذكر ما يرى الخصم أن له فيه حجة من مذهبه ومقالته، فإذا ذكر ذلك كله بان ما فيه عليه وله، فكان ذلك لباطله أقطع، وفي الجواب له أبلغ وأجمع.
  والنصارى فهم خصماؤنا في الله، فلا بد من تبيين ما افترقنا فيه على الله، وهم ممن قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ [حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ](١)}[الشورى: ١٦]، ومن الذين قال فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الحج: ٣]، ومن الذين قال فيهم: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}[الحج]، فهم في ذلك كغيرهم من كفرة الأمم.
  فليفهم من قرأ كتابنا هذا ما نصف فيه من قولهم كله، فسنصفه بما يعلمه علماء كل فرقة منهم إن شاء الله ويعرفه، وسنستقصي لهم فيه كله ما استقصوا لأنفسهم من المقال، ثم نجادلهم فيه على الحق بالتي هي أحسن وأبلغ في الجدال، وندعوهم إلى سبيل ربنا وربهم بالحكمة والبينة، ونعظهم فيه إن شاء الله بالمواعظ البليغة الحسنة، فإن الله سبحانه يقول لرسوله ÷: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ١٢٥}[النحل]، فنستعصم الله في ذلك كله بعصمة الهداة المرشدين.
(١) ما بين المعقوفين من (ب).