مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[بداية الرد عليهم]

صفحة 496 - الجزء 1

  الشامخة في عينيه؟ أم كيف يقول لأخيه: اتركني أنزع من عينك قذاها، والسارية الشامخة التي في عينيه لا يراها؟

  أيا مخادعا ملقاً، ومخاتلا لغيره مسترقاً، أخرج السارية أولاً من عينك، ثم التمس بعدُ إخراجها من عين غيرك.

  ألا واسمعوا مني، وافهموا ما أقول عني: لا ترموا بقدس الصواب بين نوابح الكلاب، ولا تقذفوا بلؤلؤكم المنير بين عانات الخنازير، فلعلهن أن يدنسنه وينتن ما ألقيتم بينهن منه، ألا واسألوا تعطوا، وابتغوا تجدوا، واقرعوا يفتح لكم؛ فكل سائل يعطى، ومبتغٍ يجد ما ابتغى، وكل من استفتح يفتح له، وأي امرؤ منكم يسأله حبيبه أو ابنه براً أو خيراً فيعطيه مكان ما سأله من ذلك حجراً؟ أو يسأله سمكة فيعطيه حية مهلكة؟ فإن كنتم وأنتم أنتم في النقص والتقصير، ومنكم كل ظالم وشرير تعطون العطايا الصالحة أبناءكم، وتجيبون عند الدعاء والمسألة أحباءكم، فكم ترون لله في ذلك وإذ الأمر كذلك من الزيادة عليكم فيه للذي تسألونه وترغبون إليه.

  وانظروا كما تحبون أن يفعله الناس بكم فافعلوه لهم، وكما تريدون العدل من الناس عليكم فكذلك فاعدلوا عليهم، وإن تلك سنة الرسل والأنبياء، وميزان عدل الله في الأشياء.

  ألا وادخلوا لله وفي الله باب الضيق والمخاوف، فإن باب الأمن والسعة بمعصية الله سبب الهلكة والمتالف، ولكثير ممن يدخله ويؤثره، ممن يبصر ذلك ومن لا يبصره، وما أضيق المدخل والباب، وأعفى السبيل والأسباب التي تبلغ العباد الحياة، وتوجب للناس النجاة، وأقل من يجدها ويسهل له وردها.

  ألا واحتفظوا من كذبة أولياء الشيطان، الذين يراؤون الناس بلباس الحملان وهم مع ذلك ذئاب ضارية، وقلوبهم مستكبرة عاصية، فلا تغتروا بظاهر حالهم، ولكن اعرفوهم من قبل أعمالهم، فهل يخرج من الشوك عنب؟! أو من