[بداية الرد عليهم]
  الحنظل رطب؟! لا لن يكون أبداً ذلك ولن يوجد كذلك، ولكنه يخرج من كل شجرة طيبة ثمرة طيبة، ويخرج من كل شجرة خبيثة ثمرة خبيثة، وإنما تعرف الشجرة الخبيثة من قبل خبث ثمرها، فإذا كانت كذلك خبيثة أوقدت النار بها، وكذلك العمل إذا كان سيئاً غياً فلا يكون صاحبه إلا مسيئاً غويا.
  وليس كل من يقول: ربي ربي بإقراري والدعاء يدخل يوم القيامة في كرامة ملكوت السماء، إلا أن يكون ممن عمل في دار الدنيا بما حكم الله عليه به من التقوى، ولكثير في ذلك اليوم من يقول: ربنا باسمك هدينا وسعينا، وباسمك أخرجنا من الشياطين ما أخرجنا، وباسمك أموراً كثيرة من العجائب صنعنا، ثم يقول الله لهم في ذلك اليوم: تأخروا عني يا عمال الزور.
  وقال صلى الله عليه: اعلموا أنه من سمع كلامي فعمل بما سمع وقبله عني، فمثله كمثل رجل ذي لب وحكمة بنى بنية على أساس من حجر محكمة، فلما جاءت الأمطار، وجرت فأعظمت الأنهار، وتهيجت الرياح الكبار جعل ذلك ينطح من كل جدار، فلم يسقط البيت ولم يخر.
  ومثل من سمع كلامي بغير تسليم ولا تقبل كمثل رجل ذي حماقة وجهل مضلل بنى بنية على جرف منهار، أو رمل كثير هيال، فلما جاءت الأمطار ودرت، وتحركت الأنهار فجرت، وعصفت الرياح فأعصرت - خر بيته منقعراً، وسقط سقوطاً مفزعاً مذعراً.
  قالوا: فلما فرغ من كلامه هذا كله عجب من حضره من حكمته فيه وقوله، ثم لا سيما الكتبة والأحبار، فإنهم كانوا أعجبهم به.
  وفي أناجيلهم أنه قال #: بحق أقول لكم أيها الناس والكتبة والأحبار: إن كثيراً من المشرق والمغرب يجيء يوم القيامة والجزاء يتكئ مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماء، وإن كثيراً ممن يزعم أنه ابن لهم يقصى عنهم مع